الإيمانالشجرة المغروسةلاهوت مقارن

الأنبا غريغوريوس يؤكد لطالبة قبطية في مدرسة كاثوليكية: العذراء لم تولد بلا خطيئة وإلا لكانت مخلّصة للعالم

سؤال: 
للراهبات الكاثوليك وطالبة قبطية أرثوذكسية، قالت الرئيس: أن العذراء ولدت بلا خطيئة، ولذلك إستأهلت أن يولد منها رب المجد. أما الطالبة فقد إعترضت على هذا الرأى، وقالت إن العذراء ولدت بالخطيئة كأى بشر، ولكن أعوز الطالبة الأدلة على رأيها، ونظرًا لصعوبة الموضوع ودقته ألتمس شرحه مع الشكر.

الجواب: 
لو قلنا أن العذراء مريم ولدت بلا خطيئة، لصلحت بهذا على أن تكون مخلّصة للعالم، لأن الضرورة التى اقتضت أن الرب نفسه ينزل إلى الأرض هى أن يفدى البشر، لأنه لم يوجد بين البشر من يمكنه أن يكون الفادى ، لأن جميع البشر أخطأوا وأعوزهم مجد الله. إذن لا إستثناء فى هذه القاعدة “أن الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله”. والعذراء نفسها تقول: تبتهج روحى بإلهى مخلصى، فالعذراء تحتاج إلى الخلاص وتحتاج إلى المخلّص، ولو وجد بين البشر إنسان بلا خطيئة، لما كان هناك داع للرب نفسه، أن يجعل هذه المشقة ويأخذ صورة الإنسان ويقبل المهانة ويموت عن الإنسان، فالعذراء نفسها كأى إنسان آخر فى حاجة إلى الخلاص، لأنها ولدت بالخطيئة، ألم تولد العذراء مريم من رجل وأمرأة؟! المسيح وحده الذى لم يولد من رجل وامرأة، إنما العذراء ولدت من رجل وإمرأة، فكان لابد أن تكون وريثة للخطيئة الأصلية التى تصل إلينا عن طريق الأب والأم، “بالآثام حبل بى وبالخطيئة إشتهتنى أمى” ولا يوجد نص واحد فى الكتاب المقدس يظهر منه أن العذراء ولدت بغير خطيئة، من أين جاء هذا التعليم؟ من الذى قال هذا؟ وعلى أى سند يستند الناس أو تستند الكنيسة الرومانية الكاثوليكية فى هذا التعليم أن العذراء ولدت بغير خطيئة؟ من قال هذا؟ أى نص فى العهد القديم أو فى العهد الجديد يستفاد منه هذا؟ ولو كان هذا صحيحاً لأردنا أن نعرف لماذا؟ لماذا العذراء بالذات ولدت بغير خطيئة؟ ولماذا أيضا لا يكون غير العذراء ولد بغير خطيئة ؟ وإذن يكون المسيح جاء بغير سبب ولا داعى لمجيئه، إذا وجد بين البشر ولو إنسان واحد بغير خطيئة، لكان هذا الإنسان الواحد يصلح لعمل الفداء، ولا داعى بتاتا لمجىء المسيح. والكتاب يقول بصريح العبارة “ليس بأحد غيره الخلاص” المسيح وحده هو المخلّص ولا يوجد شريك له فى هذا الأمر، يؤسفنا أن نقول أن الكنيسة الرومانية الكاثوليكية إخترعت هذا التعليم فى سنة 1849، بناءً على رؤيا رأتها طفلة فى سن الثالثة عشر من عمرها اسمها برناديت، وكانت هذه الطفلة مريضة فى المنطقة التى تسمى لورد بفرنسا، رأت هذه الطفلة المريضة العذراء ظهرت لها وشفتها من مرضها، وبحسبما ورد فى الكتب الكاثوليكية عن هذه الرؤيا التى رأتها برناديت تقول: أن العذراء قالت لها “أنا الحبل بلا دنس”، لاحظوا هذا التعبير لأنه هو الذى بنوا عليه فكرة أن العذراء حُبل بها بلا دنس، أولا: لايصح أن يُبنى تعليم على حلم أو على رؤيا، أى إن كانت هذه الرؤيا وإن كان هذا الحلم ضد تعليم الكنيسة فليرفض، قال الرسول فى رسالته إلى غلاطيـة “إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم فليكن أناثيما، كما سبقنا فقلنا أقول الآن أيضا إن كان أحد يبشركم بغير ما قبلتم فليكن أناثيما” (غل1: 8، 9) فالرسول بمنتهى الحرص والحفظ والقوة والحدة والحزم يقول إن أتيناكم نحن الرسل مرة أخرى أو إن أتى ملاك من السماء وبشركم بغير التبشير والتعليم الذى قبلتموه لأول مرة، فليكن هذا الملاك أناثيما، وليكن هذا الرسول أناثيما، ليكن محروما، فنحن لا نبنى عقيدتنا أبداً على حلم أو رؤيا رأتها فتاة أو غير فتاة، حتى لو كان رسولاً أو لو كان ملاكاً من السماء وأتانا بتعليم غير التعليم المقرر فى الكتب المقدسة، والذى تسلمته الكنيسة ، لايمكن أن يقبل من هذا الرسول ، ولا من هذا الملاك بل ليكن محروماً. هكذا تشدد الكتب المقدسة والمسيح له المجد، فى سفر الرؤيا يقول ” إن كان أحد يزيد –على الكلمات المكتوبة فى– هذا الكتاب يزيد الله عليه الضربات المكتوبة فى هذا الكتاب، وإن كان يحذف…. يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ” (رؤ 22: 18، 19)، هكذا يبلغ تشديد الكتب المقدسة، فى أننا لا نضيف ولا نحذف شيئا، من التعليم الذى تقبلناه، أولاً من الكنيسة ومن الآباء الرسل ومن المعتمدين فى الكنيسة، فإذا جاءت طفلة فى القرن التاسع عشر وتكلمت بكلام، أيليق أن كنيسة رسولية تعتمد على كلام طفلة، لتقرر تعليماً جديداً يعتمده بابا روما، ويصدر به وثيقة رسمية فى سنة 1849، ليقرر أن العذراء حبل بها بلا دنس، هذا كلام لايمكن أن يُقبل، ثم العبارة نفسها كما ترويها الكنيسة الرومانية الكاثوليكية وعملوا بها فيلم سينمائى، تقول أن العذراء قالت لها أنا الحبل بلا دنس، ولماذا لا تفهم ببساطة هذه العبارة “أنا التى حبلت بالمسيح بغير دنس” فيكون المسيح هو الذى حبل به بغير دنس وليس العذراء، العذراء حبلت بالمسيح بغير دنس فيكون المسيح وحده الذى حبل به بغير دنس. نفس التعبير الذى قالته برناديت الموجود فى كتب الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وفى نفس الفيلم الذى عملوه لهذه الحادثة تقول ، أنا الحبل بلا دنس، أى أنا التى حبلت بالمسيح بلا دنس، وهذا ماحدث فعلا وهذا ما يتفق مع إيماننا، أن العذراء حبلت بالمسيح بغير دنس، لأن الروح القدس حل عليها وطهر أحشائها فلم يكن فى دمها دنس أخذه المسيح منها، ولذلك قالت حبل به بغير دنس ولم يرث الخطيئة الأصلية كما يرثها أى إنسان آخر، وهنا أهمية تمسكنا بالتعليم السليم، فالفرق ضخم جدا، إما أن يكون المسيح هو الفادى وحده، أو أن يكون أى أحد آخر، هذا هو الفرق الضخم جدا وهى مسألة تتصل بقضية الفداء نفسها. وهذا هو الخطر على التعليم، وهذا هو السبب أننا نرفض رفضًا باتًا أن يكون العذراء حبل بها بغير دنس، لأن هذا يمس قضية الفداء، ويمس مركز المسيح الفادى، لأنه وحده الفادى وليس بأحد غيره الخلاص، هذا كلام الكتاب نفسه، وأيضا كلام الكتاب “الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله”

وردت فى موسوعة العذراء مريم.. حياتها، رموزها وألقابها، فضائلها، تكريمها، ظهورها ومعجزاتها – رقم (20)

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى