إيمان الكنيسةالإيمانبدع حديثةموضوعات مسيحيةنيافة الأنبا رافائيل

نيافة الأنبا رافائيل يكتب: قواعد قراءة كتابات الآباء

قواعد قراءة الآباء:

١- نقرأ نصوص الآباء في أصولها، أو الترجمات الأمينة المعتمدة.
“وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ، أَوْدِعْهُ أُنَاسًا أُمَنَاءَ، يَكُونُونَ أَكْفَاءً أَنْ يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضًا.” (٢تي ٢:٢)
القديس اثناسيوس الرسولي “دعونا نقول ان كل تقليد (فى تعليم وايمان الكنيسة الجامعة من البداية) قد اعطاه الرب ،بشر به الرسل وحفظه الاباء. ومن هنا اقرت الكنيسة ان اى انسان ينشق عن هذا التعليم لا يمكن ان نعتبره مسيحيًا”

٢- نقرأ الدراسات الآبائية التي قام بها الباحثون والدارسون الأمناء لروح الكنيسة وإيمانها، ويكون لنا دائمًا روح التمييز والافراز؛ لئلا تقودنا أفكار الآخرين إلى متاهات فكرية بعيدة عن ما قصده الآباء في كتاباتهم.
“وَتَعْرِفُ مَشِيئَتَهُ ، وَتُمَيِّزُ ٱلْأُمُورَ ٱلْمُتَخَالِفَةَ ، مُتَعَلِّمًا مِنَ ٱلنَّامُوسِ.” (رو ٢: ١٨)

٣- نقرأ للآباء المعتبرين أعمدة في الكنيسة والذين ساهموا بصورة أمينة في شرح وصياغة الايمان، فليست كل كتابة قديمة اعتمدتها الكنيسة.
“«هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: قِفُوا عَلَى ٱلطُّرُقِ وَٱنْظُرُوا، وَٱسْأَلُوا عَنِ ٱلسُّبُلِ ٱلْقَدِيمَةِ: أَيْنَ هُوَ ٱلطَّرِيقُ ٱلصَّالِحُ؟ وَسِيرُوا فِيهِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا: لَا نَسِيرُ فِيهِ!” (إر ٦: ١٦)
ينصح القديس كيرلس عمود الدين بقراءة كتب تفسيرية مُعينة فيقول: “أعتقد أن الذين يدرسون الأسفار المقدسة، يمكنهم الإستعانة بكل الكتابات الأمينة والصالحة الخالية من الأخطاء، وهكذا يجمعون أفكار الكثيرين في وحدة واحدة لخدمة الرؤيا وإدراك الحق، هؤلاء يرتفعون إلى مستوى جيد من المعرفة ويتشبهون بالنحلة أو المرأة الحكيمة النشيطة التي تجمع شهد العسل الذي للروح القدس”

٤- الحذر من أخذ أراء واستنتاجات الدارسين كمسلمات لا مناقشة فيها؛ فالدارسون أنفسهم يختلفون في استنتاجاتهم.
“وَكَانَ هَؤُلَاءِ أَشْرَفَ مِنَ ٱلَّذِينَ فِي تَسَالُونِيكِي، فَقَبِلُوا ٱلْكَلِمَةَ بِكُلِّ نَشَاطٍ فَاحِصِينَ ٱلْكُتُبَ كُلَّ يَوْمٍ: هَلْ هَذِهِ ٱلْأُمُورُ هَكَذَا؟” (أع ١٧: ١١)

٥- يجب أن تكون القراءة والدراسة، بروح أمينة، وغير موجهة بأفكار مسبقة، أو بأشخاص نحبهم. والقراءة يجب أن تكون بتأني، ووعي، وتأمل، ومقارنة النصوص ببعضها لعمل رؤية شاملة.
“فَتِّشُوا ٱلْكُتُبَ لِأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ ٱلَّتِي تَشْهَدُ لِي.” (يو ٥: ٣٩)

٦- نقرأ للآباء بصفة عامة، وليس لأحدهم فقط، لانه لا يمكن أن ينحصر الحق الإلهي في أب واحد؛ لذلك يُشترط الإجماع الكنسي على الرأي أو الفكر، حتى يصلح أن يكون تعليماً تتبناه الكنيسة.
“رَأَيْنَا وَقَدْ صِرْنَا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ أَنْ نَخْتَارَ رَجُلَيْنِ وَنُرْسِلَهُمَا إِلَيْكُمْ مَعَ حَبِيبَيْنَا بَرْنَابَا وَبُولُسَ، (أع ١٥: ٢٥)
يقول القديس كيرلس الكبير “نحن نفسر تدبير مخلصنا كما فسره الاباء القديسون، فنحن نهذب عقولنا بقراءة اعمالهم ونتتبع خطاهم ولا ندخل شيئا جديدا على تعاليمنا الارثوذكسية”

٧- نقرأ فكر الآب ككل، بلا اقتطاع لنفهم قصده وتيار تعليمه؛ لانه كما توجد خطورة من استخدام آية واحدة من الكتاب المقدس، كذلك هناك خطورة من استخدام قول واحد لأب قديس.
“وَٱحْسِبُوا أَنَاةَ رَبِّنَا خَلَاصًا ، كَمَا كَتَبَ إِلَيْكُمْ أَخُونَا ٱلْحَبِيبُ بُولُسُ أَيْضًا بِحَسَبِ ٱلْحِكْمَةِ ٱلْمُعْطَاةِ لَهُ، كَمَا فِي ٱلرَّسَائِلِ كُلِّهَا أَيْضًا، مُتَكَلِّمًا فِيهَا عَنْ هَذِهِ ٱلْأُمُورِ ، ٱلَّتِي فِيهَا أَشْيَاءُ عَسِرَةُ ٱلْفَهْمِ، يُحَرِّفُهَا غَيْرُ ٱلْعُلَمَاءِ وَغَيْرُ ٱلثَّابِتِينَ، كَبَاقِي ٱلْكُتُبِ أَيْضًا، لِهَلَاكِ أَنْفُسِهِمْ.” (٢ بط ٣: ١٥-١٦)

٨- يجب قراءة الآب في ضوء قضايا عصره والهرطقات التي كان يواجهها؛ فكتابات القديس كيرلس الكبير على سبيل المثال قبل ظهور بدعة نسطور تختلف تمامًا عن فترة مواجهته لهذه البدعة حتى نياحته.
“لِيَفْهَمِ ٱلْقَارِئُ” (مت ٢٤: ١٥)
“كَيْفَ تَقْرَأُ؟».” (لو ١٠؛ ٢٦)

٩- كنيستنا لا تؤمن بعصمة البشر، حتى الآباء القديسين العظماء. والكتاب المقدس يعطينا أمثلة لآبا، وأنبياء، وقديسين أخطأوا، ونحن أنفسنا نخطئ كثيراً، وطوبى لمن يصحح نفسه ولا يعند ويستمر في الخطأ؛ لذلك لا نقبل رأي أب بطريقة مطلقة، الا إذا كان عليه اجماع كنسي.
“لَا تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ كَثِيرِينَ يَا إِخْوَتِي، عَالِمِينَ أَنَّنَا نَأْخُذُ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ! لِأَنَّنَا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ نَعْثُرُ جَمِيعُنَا. إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَا يَعْثُرُ فِي ٱلْكَلَامِ فَذَاكَ رَجُلٌ كَامِلٌ ، قَادِرٌ أَنْ يُلْجِمَ كُلَّ ٱلْجَسَدِ أَيْضًا.” (يع ٣: ١-٢)

١٠- نؤمن بعمل الروح القدس في آباء الكنيسة حتى اليوم، فلا نقف وتتجمد عند جيل معين؛ لان الروح مازال يعطي الكنيسة من كنز خيراته؛ ليشرح نفس الحق الإلهي بدون تغيير، ولا تطوير، ولكن بأسلوب يناسب العصر والقضايا والمشاكل التي تقابل الناس.
“وَأَمَّا ٱلْمُعَزِّي ، ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ، ٱلَّذِي سَيُرْسِلُهُ ٱلْآبُ بِٱسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.” (يو ١٤: ٢٦)
“رُوحُ ٱلْحَقِّ ٱلَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ ٱلْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ ، لِأَنَّهُ لَا يَرَاهُ وَلَا يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لِأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ.” (يو ١٤: ١٧)
يقول القديس كيرلس الكبير “على المرء أن يفسر الكتب المقدسة حتى ولو سبقه آخَرونَ”

١١- ندرس الآباء لنتشبه بإيمانهم، وبحياتهم، وأخلاقهم؛ فلا ينبغي لدارس الآباء ان يتكلم بعصبية، أو بتهكم، أو ازدراء حتى للمخالفين له في الرأي.
“اُذْكُرُوا مُرْشِدِيكُمُ ٱلَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ ٱللهِ. ٱنْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ.” (عب ١٣: ٧)
يقول القديس أثناسيوس الرسوليّ “إن دراسة الكتب المقدسة ومعرفتها معرفة حقيقية تتطلبان حياة صالحة ونَفْساً طاهرة وحياة الفضيلة التي بالمسيح، ذلك لكي يستطيع الذهن باسترشاده بها أن يصل إلى ما يتمناه، وأن يدرك بقدر استطاعة الطبيعة البشرية ما يختص بالله الكلمة”

١٢- قوانين المجامع المسكونية والمحلية التي تعترف بها الكنيسة، تقف فوق كل تعليم؛ لان ما تم مناقشته في مجمع وصار محسومًا، يحظى بصفة الجماعية. وغالبًا ما تُذيل قوانين المجامع بحرمانات لمن يعلّم بعكس ما في القرار المجمعي، بينما لا يوجد مبدأ حرمان من يعلّم بتعليم يخالف أحد الآباء بدون اجماع.
لِأَنَّهُ قَدْ رَأَى ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ وَنَحْنُ، أَنْ لَا نَضَعَ عَلَيْكُمْ ثِقْلًا أَكْثَرَ، غَيْرَ هَذِهِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْوَاجِبَةِ:” (أع ١٥: ٢٨)
“وَلَكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلَاكٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا »!” (غل ١: ٨)

١٣- يكون الكتاب المقدس، هو الحارس الأعلى لكل تعليم في الكنيسة؛ لانه المصدر الأول، والأعلى، والرئيسي للإعلان الإلهي. وقد بذل الآباء كل جهدهم وحياتهم في تفسيره، وليس في الاستعلاء عليه طبعًا؛ فلا يجوز التعليم بما يخالف أي نص في الكتاب المقدس.
“وَأَنَّكَ مُنْذُ ٱلطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ ٱلْكُتُبَ ٱلْمُقَدَّسَةَ، ٱلْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلَاصِ، بِٱلْإِيمَانِ ٱلَّذِي فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ. كُلُّ ٱلْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ ٱللهِ ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَٱلتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَٱلتَّأْدِيبِ ٱلَّذِي فِي ٱلْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ ٱللهِ كَامِلًا، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ.” (٢ تي ٣: ١٥-١٧)
يقول القديس إيريناؤس “إن الكتب المقدسة كاملة، إذ هي صادرة من الله وروحه، حتى وإن عجزنا عن إدراك أسرارها”.
ويقول القديس أثناسيوس الرسوليّ: “أن تعليم الحق يكون أدق ما يمكن حينما نستمده من الكتاب المقدس وليس من مصادر أخرى”
يقول القديس يوحنا ذهبيّ الفم” “في الكتب المقدسة لن نتردد مثقال ذرة أو نقطة، إنما يلزمنا أن نبحث كل شيء، فأن الروح القدس الذي نطق بالكل، وليس شيء من المكتوب جاء بغير فائدة”

١٤- ليتورجية الكنيسة هى أيضاً مرجع موثق، وله نفس قيمة قوانين المجامع؛ لانها تحظى بصفة الإجماع، باعتبار ان كل الأجيال صلت بنفس الكلمات، معبرة عن نفس الايمان، بروح التقوى. فلا يجوز التعليم بما يخالف ما نصلي به في ليتورجيتنا الرسمية، خاصة النصوص القديمة التي لها أصول قبطية ويونانية، اي باستثناء النصوص الحديثة التي دخلت في عصور ضعف اللغة القبطية.
“وَكَانُوا كُلَّ يَوْمٍ يُواظِبُونَ فِي ٱلْهَيْكَلِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ. وَإِذْ هُمْ يَكْسِرُونَ ٱلْخُبْزَ فِي ٱلْبُيُوتِ، كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ ٱلطَّعَامَ بِٱبْتِهَاجٍ وَبَسَاطَةِ قَلْبٍ،” (أع ٢: ٤٦)

١٥- ضرورة اعتبار ما استقر في ضمير ووجدان الكنيسة والشعب والاكليروس من مفاهيم إيمانية سليمة بعيداً عن الفلسفة وتزويق الكلام الذي يضيع الحق الإلهي ويقود الناس إلى متاهات فكرية وشكوك تضيع علينا بهجة خلاصنا والتمتع بخلاص الهنا في براءة الطفولة.
“لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «سَأُبِيدُ حِكْمَةَ ٱلْحُكَمَاءِ، وَأَرْفُضُ فَهْمَ ٱلْفُهَمَاءِ ». أَيْنَ ٱلْحَكِيمُ؟ أَيْنَ ٱلْكَاتِبُ ؟ أَيْنَ مُبَاحِثُ هَذَا ٱلدَّهْرِ؟ أَلَمْ يُجَهِّلِ ٱللهُ حِكْمَةَ هَذَا ٱلْعَالَمِ ؟” (١كو ١: ١٩-٢٠)
“فِي ذَلِكَ ٱلْوَقْتِ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا ٱلْآبُ رَبُّ ٱلسَّمَاءِ وَٱلْأَرْضِ، لِأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هَذِهِ عَنِ ٱلْحُكَمَاءِ وَٱلْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلْأَطْفَالِ.” (مت ١١: ٢٥)

تابع صفحة الشجرة المغروسة على فيس بوك لتتابع كل جديد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى