لماذا نرفض بحسم أي توحيد للأعياد مع الكنائس الغربية؟
ما خطورة توحيد الأعياد مع الكنائس الغربية؟
لماذا نرفض توحيد أعياد الميلاد والقيامة مع الفاتيكان؟
هل نضع يدنا في يد من يعبد الأوثان ويُزوج المثليين جنسيًا؟!
على كل قبطي، وعلى كل سرياني، بل على كل مسيحي في المشرق، أن يقرأ هذه الرسالة حتى نهايتها بتمعن، فالموضوع أكبر وأعمق بكثير من مجرد ليلة عيد، ومازال تحذير المتنيح البابا شنودة الثالث يصدح في أذهاننا حينما قال: “توحيد الأعياد هو خطر عظيم، إن لم يسبقه توحيد العقيدة!”.
تقود الكنيسة الكاثوليكية حملة عالمية كي تتبعها كل كنائس العالم في مواعيد أعياد الميلاد والقيامة، ومع الأسف يبدو أن المحافظين من الأرثوذكس الخلقيدونيين أكثر غيرة منا على التقويم القديم في مواجهة هذا المخطط البغيض!
حاول الفاتيكان من قبل تمرير هذا الأمر في عهد القديس البابا كيرلس السادس، ورفضه المجمع المقدس بحسم، حتى أن البابا كيرلس أصدر وقتها بيان حاسم يتمسك بقرار المجمع المقدس ويرفض أي تغيير، ويؤكد أن الكنيسة أمينة على ما تسلمته من الآباء القديسين بدون أي تغيير أو تبديل.
ومع الأسف كلما نتحدث عن رفضنا لتوحيد عيد الميلاد مع الغرب، يحاول المغرضون الوقيعة بيننا وبين أخوتنا المحبوبين لدينا من السريان الأرثوذكس، وذلك لأنهم قد أقروا منذ عقود الاحتفال بالميلاد في يوم 25 ديسمبر.
ونرد على ذلك ونقول أن وقت اتخاذ ذلك القرار لم تكن خطورة هذا الأمر واضحة بشكل كافي لكنائس الشرق، أما الآن فقد أتضح أمامنا كل شيء، خاصة بعد أن استفحلت انحرافات الكنيسة الكاثوليكية، وبعدما سقطت معظم كنائس الغرب في كارثة قبول زواج المثليين، وبعدما أنكشف لنا مخطط الفاتيكان للسيطرة على كنائسنا، فليس لنا أي عذر الآن بعدما سقطت الأقنعة، أما أخوتنا السريان الأرثوذكس فهم أحبائنا وشركائنا في الإيمان والتاريخ والدم.
اقرأ ايضًا: قائمة بأسماء الكنائس الغربية التي سقطت في قبول زواج المثليين رسميًا!
وفي الماضي البعيد والقريب كان أجدادنا يحتملون الاضطهاد والمطاردات والسجن والجلد في سبيل الحفاظ على إيمانهم، فهل نفرط فيه الآن لأجل أن نتوافق مع العالم!، لأجل حفلات وأجازات وهدايا الكريسماس التي لم يعد لها صلة بميلاد المسيح!
هل فعلا وصل بنا الحال أن نكون غير قادرين على مخالفة العالم في أمر بسيط تافه كهذا؟، ماذا سنفعل إذن في نهاية الأيام حينما يستعلن الأثيم ولن يكون بمقدور أي مسيحي أن يفلت من الاضطهاد إلا إذا خضع للعالم؟!
وبالطبع إذا تم تغيير موعد عيد الميلاد سيتغير معه موعد عيد الغطاس وعيد البشارة، وذلك لأن كل هذه الأعياد مرتبطة ببعضها البعض! ماذا سنفعل بأيدينا في نظام كنيستنا؟ ولأجل إرضاء من؟!
وإذا تم تغيير موعد عيد القيامة فسنكون بذلك قد خالفنا قرارات مجمع نيقية المسكوني الأول!
هذا الأمر خطير جدًا بل كارثي، ولا يجب أن يكون قابل للاستفتاء نهائيًا!، وكنيستنا طوال تاريخها لم تسمح بجعل قضايا الكنيسة تحسم بالاستفتاء مثل كنيسة لاودكية!
وأي كلام هنا عن أن الكنيسة طوال تاريخها قامت بتطوير في الطقس ليس له معنى، فنحن لا ننكر أبدًا أن الطقس بطبيعته حيوي ومتجدد، ويحمل من كل عصر خبرته الروحية، ولكنه يضاف إليه ولا يحذف منه، يضاف إليه كل ما يُثبت الإيمان في أذهان المؤمنين، ولا يحذف منه شىء إلا لو كان خطأ لاهوتي مخالف للكتاب المقدس وقوانين الكنيسة دخل إلى الكنيسة خلسة في عصور سابقة، فما هو معنى أن نخالف الدسقولية وقوانين المجامع لكي نقوم بتوحيد الأعياد مع المخالفين في الإيمان!
هل يعقل أن نفعل هذا في نفس الوقت الذي تؤكد فيه الكنيسة الكاثوليكية داخل مصر من خلال بيانات واضحة أنهم سيحتفلوا يوم 25 ديسمبر بما يوافق تقويمهم، وأنهم لن يحتفلوا أبدًا بيوم 7 يناير رغم أنه إجازة رسمية في مصر، لدرجة أن بعضهم قد قام بحملة على السوشيال ميديا منذ سنوات تحت شعار: “أنا مواطن مصري كاثوليكي.. نفسي يكون يوم 25 ديسمبر إجازة رسمية لكل المصريين”.
لماذا لا نطالب نحن بالمثل في الدول الغربية؟، هم طالبوا بإجازة رسمية لكل المصريين في يوم عيدهم، على الأقل نطالب نحن بإجازة رسمية لأبناء كنيستنا فقط في الغرب!، حتى ولو كانت إجازة غير مدفوعة الأجر!
لماذا نحن بالذات يُطلب منا أن نتنازل عن هويتنا ونغير مواعيد أعيادنا كي نلحق بالأخرين!، بدلًا من أن نطالب بحقوقنا أن تكون أيام أعيادنا إجازة لنا مثل باقي أصحاب الديانات والطوائف الأخرى!، هل يفترض من يطالبنا بالتغيير أننا أقل غيرة وتمسكًا بهويتنا القبطية وإيماننا الأرثوذكسي؟!
الكريسماس في الغرب ليس سوى موسم تجاري صاخب، وكل الجاليات الكبيرة والصغيرة في أمريكا وأوروبا تعمل بقوة على توضيح الاختلاف بينهم وبين المجتمع الغربي كي لا يتعرضوا للذوبان، وكل أصحاب الديانات الأخرى مثل المسلمين واليهود والهندوس والبوذيين وغيرهم يحتفلوا بأعيادهم في الغرب في مواعيدهم كما هي!، وفي أيام أعيادهم يأخذون إجازة من أشغالهم ومدارسهم.
أين التميز إذن؟.. أين الاختلاف؟، أليس التنوع الجميل هو ما يميز المجتمع الغربي؟ إذن لماذا هذا الإصرار على إخضاع الجميع لقالب واحد!، هذا ليس اندماج في المجتمع بل هو انسلاخ تام عن الكنيسة القبطية سببه تمرد أشخاص على الأسس التي تقوم عليها الكنيسة، فبدلا من أن يغيروا أنفسهم ليتوافقوا مع الكنيسة، أو حتى يغادروا الكنيسة لكنيسة أخرى تناسبهم، قرروا أن يفرضوا مزاجهم الخاص على ثوابت الكنيسة نفسها!!
هل نحن أقل غيرة على هويتنا من كنائس الروس والأوكرانيين والأثيوبيين وأديرة جبل آثوس المتمسكين بالتقويم القديم حتى الآن، رغم أن لديهم جاليات أكبر عددًا منا في الغرب، كأن الأقباط فقط هم الذين يجب أن يحتفلوا بيوم عيد الميلاد مع البابا فرنسيس، كيف يحدث هذا ونحن على قناعة بأن كنيسة الإسكندرية هي أخر كنيسة يمكن أن تقبل أن تتصالح مع العالم!
هل نريد أن نكرر التجربة المريرة للكنائس الخلقيدونية؟، لقد أنقسمت تلك الكنائس إلى أمناء متمسكين بالتقويم القديم، ومتخاذلين أعتمدوا التقويم الجديد، هل سنصل في يوم ما لمرحلة انقسام الكنيسة إلى “الكنيسة القبطية لأصحاب التقويم القديم” و”الكنيسة القبطية لأصحاب التقويم الحديث”؟
ومن المهم أيضًا أن نلفت النظر إلى شىء أخطر، وهو أنه رغم تمسكنا الشديد بالاحتفال بعيد الميلاد يوم 29 كيهك، ورغم أن التقويم القبطي الذي نتبعه هو أقدم وأدق تقويم في العالم، وقد كتب الكثير من الآباء والخدام أبحاثًا أكاديمية رائعة تدعونا للحفاظ على موعد يوم العيد كما عاشته الكنيسة طوال تاريخها، إلا أن يوم العيد نفسه ليس هو المشكلة الأخطر، بل المشكلة الحقيقية هي في التوافق مع الكنيسة الكاثوليكية!
دعونا نتكلم بصراحة أكثر، نحن نرفض تمامًا أن نغير أيام أعيادنا لتتوافق مع الفاتيكان!، لأننا ببساطة نرفض أي توافق ولو ظاهري مع الكنيسة الكاثوليكية المعاصرة!، وهذا بوضوح لأن الكنيسة الكاثوليكية المعاصرة لمن لا يعلم قد خرجت تمامًا خارج إطار الإيمان المسيحي!، لأنها توحدت مع العالم تمامًا وصارت مثله لا تختلف عنه في أي شىء!، ولم يعد لها صلة لا بالكتاب المقدس ولا بالتقليد الرسولي، ومن بعد المجمع الفاتيكاني الثاني بالذات لم يعد لها صلة لا بتعاليم المسيح ولا الآباء الرسل!
فهي بالمخالفة للكتاب المقدس صارت تؤمن بخلاص غير المؤمنين بالمسيح حتى الوثنيين بدون إيمان أو معمودية!، حتى وصل الأمر بالبابا فرنسيس أن يمارس عبادة الأوثان حرفيًا في سينودس الأمازون، أقام البابا فرنسيس طقس وثني لإلهة الخصوبة “الباتشاماما”، ووضع تماثيل هذه الإلهة الوثنية في حديقة الفاتيكان، وركع الناس أمامها وسجدوا! .. وبعض الأساقفة الكاثوليك حملوا تماثيل الآلهة الوثنية وطافوا بها في كاتدرائية القديس بطرس!.. وقام البابا فرنسيس نفسه بمباركة تمثال الباتشاماما!، وبالطبع كل هذا يبرر دعوته الكارثية لعدم التبشير لغير المؤمنين!
كل هذه الكوارث حدثت خلال فعاليات سينودس الأمازون، عندما أعتبر البابا فرنسيس أن الأمازون مصدر للوحي الإلهي! .. وأشارت وثيقة السينودس للإيمان بالله الآب، والأم الخالقة! .. وصاروا يرددون نفس عبارات اللاهوت الطبيعي الوثني بأن الأرض هي أمنا! .. ويقوم البابا فرنسيس بتأليف كتاب عن هذا الأمر!
ويكتمل المشهد الكارثي بتصريح المطران أروين كراوتلر الذي أطلق مع البابا فرنسيس مشروع سينودس الأمازون، عندما صرح أمام الإعلام أنه مع رسامة المرأة للكهنوت، وقال بوضوح أن رسامة شمامسة من النساء ستكون هي بداية الطريق للوصول للكهنوت النسائي!
ودافع الأب باولو سويز المشارك في سينودس الأمازون عن العبادة الوثنية قائلًا: “حتى لو كان ذلك طقوسا وثنية، فإنها تبقى خدمة إلهية!”. والطقوس “لها علاقة دائمًا بالعبادة” والوثنية “لا يمكن رفضها على أنها لا شيء!”.
وبالطبع أستفز هذا المشهد البغيض بعض الكاثوليك المحافظين، فذهبوا لكنيسة قريبة من الفاتيكان كانت تحتوي على تماثيل “الباتشاماما” الوثنية وألقوا بها في نهر التيبر!.. فماذا فعل البابا فرنسيس؟! .. لقد أعتذر عن فعلتهم وأعتبرها نوع من الإهانة!، وتم استخراج تماثيل الإلهة الوثنية من النهر، وقال أنه سيتم عرضها في كنيسة القديس بطرس خلال القداس الختامي لسينودس الأمازون!
ومؤخرًا سمح البابا فرنسيس بأول زواج للمثليين داخل الكنيسة الكاثوليكية في كاتدرائية النمسا!، وصرح الأساقفة الألمان الكاثوليك بأن الزنا “ليس خطيئة” وبأن الشذوذ الجنسي “عادي”، و”غير قابل للتغيير”!
وكان هذا أسوء ختام لمحاولات البابا فرنسيس داخل السنيودس الكاثوليكي لقبول زواج المثليين داخل الكنيسة، وقيامه باستقبال نشطاء من المثليين جنسيًا المفتخرين بذلك وناولهم من الأسرار المقدسة!، وذلك في قداس مسكوني مشترك مع الكنيسة الأنجليكانية التي تقوم رسميًا بتزويج المثليين جنسيًا ورسمت منهم ثلاثة أساقفة!
والبابا فرنسيس أدخل الكنيسة الكاثوليكية بالفعل في شراكة مع كنائس المثليين جنسيًا مثل الكنيسة اللوثرية السويدية، والمسألة مسألة وقت ليس أكثر حتى ينفذ مخططه بالكامل!، وذلك على عكس سلفه البابا بنديكتوس الذي كان يقف ضد المثلية الجنسية.
وقد نشرنا من قبل على موقع الشجرة المغروسة كل هذه الكوارث الإيمانية والأخلاقية الموثقة، وبالطبع تعرضنا لهجوم وشتائم من محبي البابا فرنسيس المتأثرين بالبروبجاندا الزائفة المصنوعة لتلميعه، والتي نتقبلها نحن في سذاجة وفي استسلام كامل بلا فحص!.. أفيقوا أيها النائمون!.. حان الوقت كي نعترف بحقيقة هذا الرجل مهما كانت صادمة! .. فالكارثة الآن أكثر فداحة!
ولأجل كل هذا نحن نرفض توحيد الأعياد حتى لا نتحد مع كنيسة روما بالذات، ونحن لا نتمني حتى أن تقوم الكنيسة الكاثوليكية بتغيير يوم 25 ديسمبر ليوم 7 يناير، حتى لا يظن البعض أنها بذلك صارت في شركة معنا!، لأن أي خُلطة مع الكنيسة الكاثوليكية بفكرها الحالي هي تبعية لإبليس إله هذا الدهر!
وتوحيد الأعياد معناه في أذهان البسطاء هو أننا صرنا واحدا مع مؤسسة الفاتيكان! وهو ما لم يحدث ولن نسمح أن يحدث بالمناسبة! لا بالنسبة لعيد الميلاد الذي نلتزم فيه بنص الديسقولية، ولا عيد القيامة الذي نلتزم فيه بما قرره مجمع نيقية المسكوني الأول!
كذلك نحن نرفض الاحتفال في يوم 25 ديسمبر، حتى لا نحتفل في نفس اليوم الذي تحتفل فيه كنائس الشواذ جنسيًا، مثل الكنيسة المشيخية في أمريكا وفي ألمانيا، والكنيسة الأنجليكانية في بريطانيا، والكنيسة اللوثرية في السويد، وقد أكد آباء مجمع نيقية علي عدم الاحتفال مع الهراطقة!
وعلى كنيستنا بدلًا من توحيد الأعياد أن تقوم بدور قوي لأجل الوحدة الإيمانية، علينا أن نخاطب الكنيسة الكاثوليكية بصراحة في الإيمان مثل تيموثاوس وتيطس قائلين لهم: أننا لا يمكن أبدًا أن نقبل بدعة خلاص غير المؤمنين التي تلغي عقيدة الفداء وعمل الخلاص! بل تلغي الإيمان المسيحي بالكامل!
ولا يمكن أن نقبل عقائد وثنية تخالف الكتاب المقدس، مثل عبادة مريم وقلبها المقدس، وعبادة القلب الأقدس والرأس المقدسة والجرح المقدس!، وعبادة القديسين واشتراكهم في عمل المسيح الكفاري!، وبدعة خرافية مثل المطهر، وبدعة رئاسة بابا روما لكل كنائس العالم!، والاعتقاد بأن أحداث أسفار العهد القديم هي مجرد أساطير!، وغيرها الكثير والكثير من البدع التي تخالف الكتاب المقدس حرفيًا!
بل علينا في الواقع أن نقطع الحوار اللاهوتي معهم تمامًا حتى يجدوا حلًا مع البابا فرنسيس الذي يعمل بكل قوته على تحطيم كنيسته!، لعلنا بهذا نساعد الأساقفة الكاثوليك المحافظين على اتخاذ موقف جاد ضد تجديفه!
وهو ما فعله المتنيح البابا شنودة الثالث حينما قطع الحوار تمامًا مع الكنيسة اللوثرية السويدية لأنها تزوج المثليين في الكنيسة وترسمهم أساقفة!، فما هي الفائدة أساسًا من الحوار مع كنيسة تُزوج المثليين! هل هذه كنيسة أصلا؟! وهل هؤلاء مسيحيين؟!
ما علينا أن نفعله هو أن نسعى جاهدين أن نصل لوحدانية الإيمان، لأن بدون الإيمان المستقيم لن يبقى لنا لا كنيسة ولا خلاص ولا أبدية!
العالم كله من حولنا يتحدث عن مخططات الكثلكة البغيضة، وعن آلاف الأطفال الذين تم الاعتداء عليهم، وعن حماية البابا فرنسيس لمن أرتكب تلك الجرائم، وعن الكنائس الكاثوليكية في أوروبا التي صارت خاوية، وبيع معظمها لتصير متاحف وملاهي ليلية، وبعضها أشتراها المسلمون لتصبح مساجد، لنأتي نحن الآن كي نسعى للتوافق معهم فنسقط معهم!!
حتى دولة البرازيل، وهي معقل كاثوليكي ضخم في أمريكا اللاتينية، كانت نسبة الكاثوليك فيها سنة 1970 حوالي 93%، وفي عام 2014 صارت نسبتهم 61%، وتحول أغلبهم إلى الإلحاد، وهذه كانت نتيجة طبيعية جدًا لقرارات المجمع الفاتيكاني الثاني!
لماذا لا نأخذ بجدية ما نشره موقع إليتيا الكاثوليكي منذ شهور، عندما نشر خبر عن قرب مناقشة توحيد أعياد الميلاد في يوم 25 ديسمبر في مجمعنا المقدس، ونشروا الخبر تحت عنوان “خبر سار”، وكأن الأمر قد تم حسمه!، أما الشىء المستفز في الخبر هو أنه يصف البابا فرنسيس بلقب “البابا” أكثر من مرة، في حين يصف البابا تواضروس فقط بالبطريرك تواضروس ثلاث مرات دون ذكر لقب البابا.. يا لها من مهزلة!
لنفكر معًا بهدوء وتروي دون تأثر بمواقف مسبقة، لقد قامت الكنيسة الكاثوليكية بالتنازل عن الحق الكتابي بأن المسيح هو الطريق الوحيد للخلاص من أجل أن تربح أصحاب الأديان الأخرى، وسمحت بزواج المثليين في النمسا لأجل أن تربح لوبي المثليين في الغرب، فعلت كل ذلك تحت اسم المحبة!، فلماذا لم تفكر في أن تتوافق معنا في العيد وتتنازل هي من أجل أن تربح الكنائس الأرثوذكسية في العالم، أليست مواعيد الأعياد ليس لها علاقة بالعقيدة كما يقول البعض!
أم أن حرص مؤسسة الفاتيكان على تقويمها الغريغوري، وعلى الثقافة الكاثوليكية، أقوى من حرصها على كلمة الله الثابتة في الكتاب المقدس التي تقف ضد أي موافقة لهيكل الرب مع الأوثان، وضد قبول خطيئة بشعة مثل الشذوذ الجنسي!
اقرأ أيضًا: القديس حبيب جرجس يكتب عن تاريخ كنيسة روما في محاولة السيطرة على كنائس الشرق!
في النهاية نريد أن نؤكد أننا كتبنا هذه الرسالة ردًا على سعي البعض للاحتفال بعيد الميلاد في يوم 25 ديسمبر تحت عنوان سخيف هو: “ضبط التقويم القبطي”!
ونؤكد أيضًا أن فكرة الاحتفال بيوم 25 ديسمبر كاستثناء للبعض سواء تحت مسمى تذكار أو أي مسميات أخرى، سيؤدي حتما في النهاية خلال سنوات قليلة إلى الاحتفال بيوم 25 ديسمبر في المهجر، وبالتالي سيتحقق نفس هدف الذين يدعون للاحتفال رسميًا بعيد الميلاد يوم 25 ديسمبر، ولكن سيحدث هذا من خلال تغيير تدريجي ناعم، هذا ما نؤكد أنه سيحدث مهما كانت سلامة نية الذين أتخذوا القرار حرصًا على تلبية احتياج رعوي ما لبعض الناس!
أما الخطورة الأكبر فهي في الصورة الذهنية التي وصلت للناس عن هذا القرار، لقد أحتفى الداعين للوحدة مع الكاثوليك بالقرار واعتبروه تمهيد جيد لتوحيد الاحتفال بعيد الميلاد المجيد قريبًا، ومن ثم تحقيق الوحدة المزعومة مع كنائس الغرب تحت قيادة البابا فرنسيس!
والواقع أن الأقباط في المهجر بالذات هم من يحتاجون إلى الحفاظ على هويتهم وما يربطهم بكنيستهم الأم، وهذا لأن عليهم ضغوط أكبر وأقسى لكي يتوافقوا مع العالم.
وختامًا نهمس في آذان جميع الرعاة في الكنائس المستقيمة الرأي، إذا أرادت أي كنيسة أن تحمي شعبها من طغيان إله هذا الدهر، فعليها أن تتفانى في تمسكها بالأصل الذي تنتمي إليه، هذا هو طوق النجاة الوحيد المتاح في عالم فارغ الروح والوجدان، فعندما تتخلى عن هويتك تضع بيدك نهايتك!
ليتنا نصغي إلى أبينا المتنيح القمص بيشوي كامل حينما قال صيحته الشهيرة: “أن الكنائس التي بدأت تتفاهم مع العالم، لكي تصل إلي حلول للتطورات الحديثة والسريعة، لكي تتلاقي معه في أنصاف الحلول، ابتلعها المجتمع!”.
ومازال صدى صيحته يتردّد في الكنيسة حتى الآن، فأرجــوكم لا تسمعوا لكل الدعايات الفــارغة والساذجة والخبيثة التي تحدثكم عن ضرورة أن تخضع الكنيسة لتطور في فكرها كي تتوائم مع العصر الحديث!
لا تسمعوا لكل من يطالب الكنيسة أن تجدد في إيمانها أو تقليدها لكي تتأقلم مع الواقع الجديد والمجتمعات المختلفة.. حافظوا على تقليدكم الثابت عبر القرون، ولا تنقلوا التخم القديمة من أجل إرضاء عالم لن يرضى أبدًا!، لا تفرطوا في تقليدكم من أجل وحدة وهمية مع الكنائس الغربية التي لم يعد لها أي صلة بالمسيحية منذ زمن، وصارت مجرد أدوات في يد رئيس هذا العالم!
لقد أضمحلت المسيحية تمامًا في أوروبا لأن كنيستها تأقلمت مع العالم، فلا تخافوا من الاندثار لأنه لا برج حصين لنا إلا اسم الرب الإله! (أم 18: 10)، ولا يرهبكم أحد عندما يصف تمسككم وثباتكم بأنه جمود وتعصب وانغلاق وفريسية، بل اثبتوا على ما تعلمتم وأيقنتم، من خلال الكتب المقدسة (2 تي 3: 14)، وهذا عينه ما قصده معلمنا بولس الرسول حينما حذرنا بحكمة قائلًا: “لا تشاكلوا هذا الدهر” (رو 12: 2)
وهو ما أرشدنا إليه بالروح القدس القديس يعقوب الرسول حينما قال: “أما تعلمون أن محبة العالم عداوة لله؟ فمن أراد أن يكون محبا للعالم، فقد صار عدوا لله” (يع 4: 4)، وما أخبرنا به القديس يوحنا الحبيب في رسالته الأولى قائلًا: “لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب” (1 يو 2: 15)، ولهذا كان العظيــم أثناسيوس الرسولي حامي الإيمان يُلقب بـ”ضد العالم”!.. فلا تصالحوا العالم لأجل مكاسب وقتية رخيصة، وإلا ستخسروا كل شىء!.. إيمانكم وخلاصكم وأبديتكم!
وكما ذكرنا لكم من قبل مرارًا وتكرارًا في موقع الشجرة المغروسة، أن الكنيسة الآن في حالة حرب شرسة مع إبليس، وكل ما يحدث الآن هو مجرد خطوات تسبق استعلان الأثيم، وزمن الحرب يا أخوتنا هو زمن بناء الأسوار الحصينة والحفاظ على أصغر الثوابت، وليس زمنًا لمد الجسور مع مخالفي الإيمان!، بل هو زمن الفرز والغربلة، حيث يُفصل القمح عن الزوان، ويتم تمييز المؤمنين عن غيرهم ليكون المزكون ظاهرين.
ونتذكر هنا ما قاله المتنيح القمص مرقس عزيز وكأنه لازال يعيش بيننا حينما قال محذرًا:
“موقف الكنيسه القبطية في عيد الميلاد بحسب التحديد الرسولي، وتاريخها المصري ثابت وهو 29 كيهك لم يتزعزع… ولو طالت الحياة علي الأرض. ولو جارينا التقويم الغربي وقمنا بتعديل أعيادنا وتقويمنا ليتماشي مع التقويم الغربي ستتغير الخريطة الزراعيه في بلادنا… ليكن لكل أمة تقويمها. ولن يفرط المصري في تقويمه. وإلا فقد تاريخه. وتغيرت مواعيد أعياده وأصوامه وكل طقوسه!”
يا أخوتنا هذه الرسالة هامة جدًا، لذا نرجو أن تساعدونا جميعًا في أن تصل إلى قداسة البابا تواضروس الثاني، وإلى كل آبائنا في المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وإلى كل رعاة وخدام كنائسنا داخل مصر وخارجها، بل وإلى كل رعاة وخدام الكنائس الأرثوذكسية المستقيمة الرأي في المشرق كله، وسوف نضع لكم في التعليقات بعض التفاصيل والوثائق لكل ما ذكرناه في رسالتنا من حقائق مثبتة.
“وبخ، انتهر، عظ بكل أناة وتعليم لأنه سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح، بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكة مسامعهم فيصرفون مسامعهم عن الحق، وينحرفون إلى الخرافات”
(2 تي 4: 2-4)
“ولكن متى جاء ابن الإنسان، ألعله يجد الإيمان على الأرض؟!”
(لو 18: 8 )
“لا تضلوا: لا زناة ولا عبدة أوثان ولا فاسقون ولا مأبونون ولا مضاجعو ذكور.. يرثون ملكوت الله.”
(1 كو 6: 9-10)
موقع الشجرة المغروسة