الإيمانالطقس الكنسيبدع حديثةملفات كنسيةموضوعات مسيحيةمينا عزيز

الإفخاريستيا والمرأة بين المنع والحل

بقلم: مينا عزيز

إذا كنت من المهتمين بموضوع الإفخاريستيا وتناول الحائض أكمل قراءة الموضوع، أما لو كنت غير مهتم (وبتكِسف) بلاش تكمل قراءة.. أنا أصلا محرج جدا من كوني طرحت الموضوع رغم كوني علماني مش متبتل وأتعجب من أن أرى رهبانا تطرح الموضوع أصلا، وكمان لأن الناس بتفتي كتيـر وتنتقد الكنيسة القبطية من أجل النقد وتشكيك الشعب لاقيت من الأمانة أطرح ما أعرف، بس عندي طلب: بعد ما تنتهي من القراءة يا ريت تدور بنفسك وتتأكد من مصادرك الخاصة.. ممكن تبحث في جوجل على مثلا: “سيكولوجية المرأة أثناء الدورة الشهرية” أو “فسيولوجية الحيض”، عشان تعرف حكمة الكنيسة.. النقاط الأربعة الأولى تمهيدية أما النقاط الخامسة والسادسة فهي عرض سريع لطقس الكنائس الأخرى.. النقطتين السابعة والثامنة تناقش مبدأ هام “بين اللياقة والملائمة (الحاجة)” وعلاقتهم بلاهوت التحرير، أما النقطة التاسعة فهي سؤال للشباب “هل يليق”، وقد تحسبها عزيزي القارئ وقاحة مني أن أسأل هذا السؤال ولكن ربما الحاجة دعت لذلك. أما النقطة العاشرة فهي عرض سريع لبعض قوانين وأقوال الآباء.. و النقطة الحادية عشر توضح الهدف من هذا الجدل ومن وراءه، أما النقطة الأخيرة فهي الخلاصة.

النقطة الأولى: وقبل كل شيء يجب أن تعرف أن الكنيسة لا تعتبر المرأة نجسة أو أن الحيض نجاسة كما يروج البعض.

النقطة الثانية: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تؤمن أن الإفخاريستيا جسد حقيقي ودم حقيقي لربنا يسوع المسيح، جسد حقيقي ودم حقيقي متحد باللاهوت، يليق به كل إكرام وتبجيل وسجود، فلماذا لا يأخذ المعترضون ذلك في الاعتبار كنوع من التبجيل والتقديس للأسرار حيث تغطي الملائكة وجوهها، أليس من اللياقة الأدبية الاستعداد على المستوى الروحي والجسدي؟!!

النقطة الثالثة: لست لاهوتيا ولكني اعرف ان الطقس مرتبط بالرمزية والرمزية هنا مرتبطة بالنظافة الجسدية رمزًا للنقاوة الداخلية والسؤال لماذا تمنع قوانين الكنيسة الرجل المحتلم من التقدم للإفخارستيا وفي الحالتين احتلام أو حيض نتكلم عن الموت ورمزيته سواء موت البويضة او الحيوان المنوي الخارج من الجسم، ترمز لعنصر مائت وهكذا أيضًا منعت الكنيسة استخدام نعال من جلود الحيوانات في المذبح لأنها جلود حيوانات ميتة. والنجاسة في العهد القديم لها شقين وهو موضوع طويل يحتاج للدراسة، شق الخطية مثل أن يجري الإنسان وراء آلهة غريبة و يقدم العبادة لها، أما الشق الأخر هو الشق الرمزي هو أيضًا السبب وراء اعتبار الطمث نجاسة في العهد القديم، لا لكونه خطية و لكن لأن دماء الطمث هي رمز للموت و كذلك زرع الرجل الخارج منه خارج الرحم هو رمز للموت، كذلك كانت ملامسة الميت و هكذا.

النقطة الرابعة: ما يصاحب هذه الفترة من تقلبات مزاجية ومشاعر غير متوازنة قد تكون غير مقدسة (أكرر كلمة “قد تكون”)، أربط بين هذا وما ذكره القديس بولس في كورنثوس الأولى: “لاَ يَسْلُبْ أَحَدُكُمُ الآخَرَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُوافَقَةٍ، إِلَى حِينٍ، لِكَيْ تَتَفَرَّغُوا لِلصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ، ثُمَّ تَجْتَمِعُوا أَيْضًا مَعًا لِكَيْ لاَ يُجَرِّبَكُمُ الشَّيْطَانُ لِسَبَبِ عَدَمِ نَزَاهَتِكُمْ”. عزيزي القارئ أرجو منك أن تربط بين جملتين: “إلى حين” و”لكى تتفرغوا للصوم و الصلاة”، والسؤال لماذا لا يمكن الجمع بين الإثنين إلا إذا كان هناك لياقة جسدية تليق بالوقوف أمام الله الحي وتخصيص للوقت الذي نقضيه من إلهنا، فما بالكم بالتقدم لنكون حاملي الجسد المحيي، و هكذا منعت الكنيسة العلاقة الجسدية كنوع من الصوم قبل غروب اليوم السابق للإفخارستيا (وهو بداية اليوم في التقويم الكنسي) إلى غروب اليوم الذي تتم فيه الإفخاريستيا. أي من الغروب للغروب أي يوم كامل، أي يوم الرب على اعتبار أن اليوم الذي ننال فيه الإفخاريستيا هو يوم الرب يوم المجد يجب تخصصيه لإلهنا الصالح وعدم انشغالنا بأعمال جسدية، وليس لأن العلاقة غير مقدسة أو نجاسة كما يحاول الفريق الأخر اتهام الكنيسة. إذن فالموضوع موضوع لياقة وتكريم للأسرار المحيية وتخصيص اليوم لها كيوم الرب، وكما قال الجامعة في الإصحاح الثالث من سفره: “لكل شيء زمان ولكل امر تحت السماوات وقت. للولادة وقت وللموت وقت. للغرس وقت ولقلع المغروس وقت. للقتل وقت وللشفاء وقت. للهدم وقت وللبناء وقت. للبكاء وقت وللضحك وقت. للنوح وقت وللرقص وقت. لتفريق الحجارة وقت ولجمع الحجارة وقت. للمعانقة وقت وللانفصال عن المعانقة وقت للكسب وقت وللخسارة وقت. للصيانة وقت وللطرح وقت. للتمزيق وقت وللتخييط وقت للسكوت وقت وللتكلم وقت. للحب وقت وللبغضة وقت. للحرب وقت وللصلح وقت. فاي منفعة لمن يتعب مما يتعب به.” إلهنا إله نظام وليس إله عشوائي، لهذا كنيستنا كنيسة نظام فالكهنوت نظام والطقس نظام والتقويم الكنسي نظام، علينا أن نحترمه.

النقطة الخامسة: الامر يحتاج لدراسة اللاهوت الطقسي قبل ان يفتي من يفتي وجزء من دراسة هذا الطقس هو مقارنته بالكنائس الأخرى، فالكنيسة الارمينية والاثيوبية ومعهم الإريترية والهندية يمنعون الحائض من دخول الكنيسة من الأساس وليس من الإفخارستيا فقط، بينما الكنيستين القبطية تمنع المرأة فقط من الإفخارستيا وليس من دخول الكنيسة، وكل هذه الكنائس لا تمنع المرأة من الصلاة في هذه الفترة. أما الكنيسة السريانية فهذا الأمر فيها غير محسوم، وإن كان القديس يعقوب الرهاوي يفرق بين حق المرأة التي ولدت حديثا من التقرب من الأسرار وحق المرأة في فترة الحيض فيقول: “أما التي عرض لها سيل النساء، فلا يجوز أن تتقرب حتى ينقطع سيلان دمها، وإلا فلتغتسل وتتقرب، لا لأجل الدنس بل احتراما للأسرار” (منارة الأقداس لمار أسطفان الدويهى ص 275). أي إن طالت فترة السيلان أو النزف نتيجة مرض أو ضعف، فالملائمة والحل موجود في حالات الحاجة (سنأتي في شرح هذا في النقطة السابعة)، و لكن وضح القديس يعقوب الرهاوي أن الأساس هو احترام الأسرار وهو يؤكد هذ المبدأ حتى على الكاهن فيقول: ” إن كان كاهن يحتلم في الليل، ليس له سلطان أن يقدس ذلك النهار، لا لأنه تنجس بل لأجل وقار الأسرار” -(منارة الأقداس لمار أسطفان الدويهى ص 274). أحد الآباء الأرمن في دير نورفاك بأرمينيا قال لي جملة لازالت عالقة بذهني عندما أثرت معه هذا الموضوع في يوليو الماضي، حيث قال: “الكنيسة تنظم ولا تراقب، وتترك كل شخص لضميره، فالكاهن لا يعرف مَن مِن المتقدمين للإفخاريستيا صائم أو مستعد، ولكن عليه التنبيه حتى يكون المتقدم متحمل لمسئولية نفسه”.

النقطة السادسة: الكنائس البيزنطية هناك حالة من الانقسام المحدود، فبينما الكنائس الحديثة منها مثل OCA الـ Orthodox Church of America الـ ROCA Russian Orthodox Church Abroad لا ترى مشكلة فيه، تصر الكنائس البيزنطية القديمة في القسطنطينية و امتدادها في اليونان والكنائس البلغارية والجورجية و الصربية والرومانية علي منع التقدم للإفخارستيا في هذه الفترة، وكذلك يصر عليه أباء الجبل المقدس أو جبل أثوس. كذلك تمنع قوانين الرهبنة اليونانية الراهبات من التقدم للأسرار في هذه الفترة من منطلق كونهن عرائس الملك اللواتي يليق بهم الاستعداد الروحي والجسدي، بل أن بعض أديرة الراهبات التي تقع تحت إشراف بعض أباء الجبل المقدس أثوس ترفض دخول الراهبة للكنيسة في هذه الفترة. أما الكنيسة الروسية فتتفع معهم في المنع وإن كانت سمحت بالموضوع أو أعطت الحل بلغة الطقس في الحقبة الشيوعية لأنه قد لا تتوفر الأسرار في فترة أخرى للمتقدمة نتيجة قلة الفرص وقلة الكنائس وبُعد المسافات وكون الكنائس كانت معظمها سرية، وهنا تأتي نقطة أخرى وهي أن الكنيسة تضع الملائمة قبل اللياقة تبعا لظروف المتقدم.

النقطة السابعة: وبنفس مفهوم “الحل” الذي منحته الكنيسة الروسية المضطهدة وغير الرسمية، نأتي لنقطة أخرى وهي الملائمة واللياقة: فمثلا لو هناك شخص يحتضر (رجلا أو امرأة) أو يستعد لعملية جراحية أو مصاب بنزيف بعد عملية جراحية، فهل تمنع كنيستنا القبطية أو أي من الكنائس الشقيقة الأسرار عنه أو عنها، وهنا يأتي مبدأ الملائمة والرحمة والحاجة قبل اللياقة وقبل الاستعداد الذي يليق بمجد الإفخارستيا. وباللغة الدارجة “محبكتش في الأسبوع ده غير لو فيه كارثة” والحاجة لإعطاء الأسرار لشخص غير مستعد جسديا سواء بالصوم أو غيره يحددها الكاهن من خلال السلطان المُعطى له من الله والكنيسة.

النقطة الثامنة: عندما نناقش هذا الامر و نرفض المنع فعلى مقياسه لماذا لا نرفض الصوم سواء عن الأكل أو عن العلاقات الجسدية قبل الإفخارستيا وهنا يظهر في الأفق لاهوت التحريرالذي يضع الإنسان فوق الطقس و فوق النظام استنادا لمبدأ “السبت لأجل الإنسان لا الإنسان لأجل السبت”، و نرد عليهم بما قاله السيد المسيح له المجد كونه الإله الواضع للناموس و النظام: “ثم اجابهم و قال من منكم يسقط حماره أو ثوره في بئر ولا ينشله حالا في يوم السبت” (لو 14 : 5). إذن الأساس في الناموس هو تقديس السبت ولكن تأتي الظروف القاهرة لتضع مبدأ الرحمة (الملائمة) فوق الناموس ولكن فقط عند الضرورة، فمسيحنا القدوس لم يقم بإلغاء يوم الرب بل صرح بعمل الرحمة فيه، وهو فرق شاسع بين احترام الطقس والتخلي عنه عند الضرورات فقط (الملائمة و اللياقة المذكورة في النقطة السابعة) وبين أن نضع الإنسان فوق الطقس كقاعدة ثابتة وفوق اللياقة كقاعدة ثابتة والتي ينادي بها أصحاب فكر لاهوت التحرير، لاهوت التحرير الذي بدأ في كنائس الغرب بتقليل الأصوام وانتهى من باب التسهيل منذ حوالي الثمانين عامًا برسامة المرأة والشواذ كأساقفة في الكنيسة الأنجليكانية، فعلينا إذن التعلم من التاريخ و لا نكرر أخطاء الكنائس الأخرى .

النقطة التاسعة: دعوني اكون أكثر جرأة و قد تحسب وقاحة من الناحية الجسدية او الطبية لكي يفهمها اصحاب الجدل الدائر و أغلبهم من الشباب.. هل يصح ان يتقدم مريض مرض السيلان و هو حالة من الاحتلام شبه الدائم – هل يليق التقدم للأسرار.. الكنيسة لا تمانع و ان كان صاحب المرض ننصحه بالانتظار الا اذا كان لا امل في شفاءه و بالمثل في حالة الحيض تشعر المرأة او الفتاة بهذا التسريب او النزيف او السيلان في اقدس لحظات الصلاة و التقدم للأسرار و انت يا عزيزي الشاب قد لا تتجرأ من دخول الكنيسة و انت في هذه الحالة (ببيتك يارب تليق القداسة) فما بالك بالإفخارستيا.. تريد ان اكون أكثر وقاحة هل يمكن ان يدخل مريض التبول اللاإرادي للتقدم للأسرار وهو يشعر بهذا السيلان، إلا إن كان في حالة احتضار أو استعداد لعملية جراحية أي حسب الحاجة و بحسب تدبير الأب الكاهن و هنا يحضر له الكاهن الأسرار و لا يدخل الكنيسة بهذه الحالة، و لكن إن كان الأمر مجرد عرَض سيزول بعد أيام قليلة فهل لا يمكن الانتظار؟ وأكرر مرة أخرى باللغة الدارجة “ما حبكتش”.

النقطة العاشرة: وهنا نحاول عرض قوانين الآباء و الدسقولية ونرجع فيه لكتاب “الدبلة و الإكليل” من سلسلة طقوس أسرار و صلوات الكنيسة – الفصل الأول من الباب الثالث: و عن الدسقولية ففي الفصل الثالث و الثلاثين (33: 99-106) تؤكد على نقطة هامة و هي أن الروح القدس لا يفارق المرأة في هذه الفترة و هذا لا يمنعها من التقدم للإفخارستيا لتهدم دعاوي الغنوسية والتهود، و تعود لتستدرك و تؤكد في نفس الفصل (33: 114) علي موضوع اللياقة أخذة في الاعتبار الحالة النفسية والصحية: “يكن بالأكثر غير متحركات و جالسات في البيت كل حين”. إذن يجب عدم اقتطاع النص وأخذ الفص كاملًا كما هو. ونكرر ما قاله القديس يعقوب الرهاوي في تفسير هذا النقطة: “أما التي عرض لها سيل النساء، فلا يجوز أن تتقرب حتى ينقطع سيلان دمها، وإلا فلتغتسل وتتقرب، لا لأجل الدنس بل احتراما للأسرار” (منارة الأقداس لمار أسطفان الدويهى ص 275) ثم يعود الكاتب لعرض التقليد القبطي، فيعرض ما قاله القديس ديونسيوس البابا السكندري: ” السؤال الذي يخص النساء في وقت حيضهن، وما إذا كان من الناس لهن وهن في مثل هذه الحالة أن يدخلن لبيت الرب: هو سؤال لا يستحق عناء البحث. لأني أرى أنهن إن كن من المؤمنات ونسوة تقيات، لا يتهورن وهن في هذه الحالة ويسرعن إلى لمس المائدة المقدسة، أو جسد ودم الرب، ويقينا أن المرأة التي كان لديها ينبوع الدم أثنتا عشرة سنة، لم تلمس الرب نفسه بل طرف ثوبه فقط، لكي تنال الشفاء. وأما الصلاة فهي تتم في أي حالة يجد المرء نفسه فيها، لأننا نتذكر الرب في أي وقت. وأيضًا نقدم التضرعات لكي ينال المرء معونة. كل هذه الممارسات يمكن أن تتم بلا لوم. أما الذي هو طاهر النفس والجسد، فإنه يُمنع من التقدم إلى قدس الأقداس”. هذا ما ذكره القديس ديونسيوس البابا السكندري في القرن الثالث الميلادي واعتبرته الكنائس البيزنطية (وليست القبطية) قانونا و ليست مجرد قول. أما البابا تيموثاوس السكندري في القرن الرابع، رفض أن تتقدم المرأة الحائض للإفخارستيا في إجابته على السؤال السابع من ضمن ثماني عشر سؤالا وهو ما اعتبرته الكنائس البيزنطية قوانين مجمعية في مجمع ترولو ومجمع نيقية الثاني (الكنيسة القبطية لم تحضر هذه المجامع). أما القديس أثناسيوس الرسولي في رسالته إلى القديس أمون الأب الروحي لرهبنة نيتريا والتي يستشهد بها البعض لنقد فكرة المنع فإنه يتحدث عن احتلام الرجل بلا أحلام شهوانية كفيض ليلي ولم يتطرق القديس أثناسيوس الرسولي لفكرة الحيض والأدق حالة السيلان التي تصاحب تلك الفترة عند المرأة وتستمر، فبينما الاحتلام أو الفيض الليلي يأخذ وقتا محدد جدا وينتهي تستمر حالة السيلان أو الحيض لفترة أطول أي أنها عملية مستمرة (راجع النقطة التاسعة). و أتعجب جدا ممن يخلطون بين أقوال الآباء عن الاحتلام و الفيض الليلي و يستخدمونه في الدفاع عن تقدم المرأة الحائض للأسرار و كما وضحنا مسبقا أن الفيض الليلي مدته محدود جدا بينما الحيض مستمر لأيام.. هل يليق لرجل شعر بهذا الفيض في الكنيسة أثناء القداس نتيجة مرض السيلان مثلا أن يتقدم للأسرار؟؟ إذا كانت الإجابة لا، فالإجابة للمرأة هي “لا”، لأن الأسرار يليق بها كل مجد. أما كتاب التقليد الرسولي لهيبوليتس الذي تم كتابته في أوائل القرن الثالث الميلادي فإنه يمنع المرأة الحائض من التقدم للمعمودية بل تنتظر حتى تنتهي أيام حيضها. أما قوانين هيبوليتس القبطية فتؤكد على نفس المنع من الأسرار سواء معمودية أو إفخاريستيا وتؤكد أنه ليس بسبب النجاسة ولكن الاستعداد الجسدي الذي يليق بالأسرار. وهكذا يشير الأسقف يوحنا النيقوسي (الفرن السابع) في كتابه تاريخ العالم بطريقة غير مباشرة أن النساء يلتزمن بيوتهن هذه الفترة. أما القديس ساويرس أسقف الأشمونيين (القرن العاشر) فيؤكد على أن هذا فطر وليس نجاسة.

النقطة الحادية عشر: أساس المشكلة هو الفكر الإنجليكاني ولاهوت التحرير الذي تبناه كما ذكرنا في النقطة الثامنة، وكما نعلم أن د. جورج حبيب بباوي الذي حرمته كنيستنا أنضم لفترة لهذه الكنيسة و شرب من أفكارها و تجد في فكره الخليط العجيب من الأفكار الأنجلوذكسية!! يقول أستاذي الفاضل و صديقي عماد عدلي: “د. جورج بباوى لا يعترف بالطهارة الجسدية ويشكك في قوانين الكنيسة وبعض كبار الآباء.. الدكتور جورج حبيب بباوى له ماض طويل فِي الاستهانة بطهارة الجسد، وكان أول ما نشره عن ذلك سنة 1980 في مقال طويل في كتاب نشره له مجلس كنائس الشرق الأوسط (من ص 95 إلى ص 174) وعنوان ذلك الكتاب: (المرأة في اللاهوت الكنسي)، وأعاد نفس الكلام كما هو فى كتاب نشره هذا العام وعنوانه (التطهير) . أي أن له نفس الفكر على مدى 27 عامًا، وربما أكثر من هذه المدة، إن كان بنفس الفكر قبل طبعه فى كتب وهو فى كل ذلك يجامل المرأة الطامث والرجل المحتلم”.

و هو فكر إنجليكاني صِرف دون الإشارة إلي الكنيسة الإنجليكانية من قريب أو بعيد، ويحاول أصحاب لاهوت التحرير من الإنجليكان إدخال هذا الفكر بتبني بعض الطلاب الأقباط لدراسة ماجستير في كلية اللاهوت الإنجليكاني بالقاهرة من خلال أطروحة المسيحية والكنيسة الأولى كمدخل لدراسة الطقوس، و طبعا نعرف نتاج هذا الفكر فنجد مدونة لاهوت شعبي و مدونة تنوير تطرح هذا الموضوع و تشكك في المنع وأصحابهما ممن درسوا في كلية اللاهوت الإنجليكاني بالقاهرة و أحدهم نشر بحث مباشر بعنوان “مدخل صغير لخريستولجية التحرير” نشره ابريل 2016 . احذروا اللاهوت الإنجليكاني وتعلموا مما وصلت إليه الكنائس التي تبنته.

وتجد رد أبونا المتنيح البابا شنودة الثالث عليه هنا، وكشف تدليس جورج بباوي لأستاذي العزيز عماد عدلي تجده هنا، حيث ينكر د. جورج أي قوانين كنسية قديمة تتعلق بالحيض وهذا  غير حقيقي (نرجو الرجوع للنقطة العاشرة).

النقطة الثانية عشر: الخلاصة أن المرأة في هذه الفترة ليست نجسة بحسب تعليم الآباء و أن القول بأنها نجسة هو نوع من الغنوسية، قد اتفقت أغلب الكنائس الأرثوذكسية بعائلتيها على هذا. والمنع هو فقط من باب اللياقة والتكريم للإفخاريستيا الجسد الحقيقي والدم الحقيقي لمخلصنا الصالح الذي يليق به كل مجد، وقد منحنا نحن غير المستحقين لأن نتناول جسده ودمه الأطهرين، فإن كنيستنا سلمتنا أن نكون مستعدين على المستويين الروحي والجسدي وهو أقل تكريم يمكن أن نقدمه للجسد المحيي في حلة ضعفنا التي هي جسدنا البشري، لنكن أيها الأحباء مستعديين لتناول جسد المسيح هذا الذي تغطي الملائكة وجوههم من فرط عظمة مجده، ولنحرص لنسلم للأجيال القادمة ما تسلمناه ممن قبلنا في الإيمان القويم الذي لكنيستنا.

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى