نيافة الأنبا موسى يشرح طرق دراسة الكتاب المقدس

1- الطريقة العملية:
وهذه أهم الطرق وتناسب الإنسان المتعلم والبسيط. نقرأ الإصحاح ببساطة، ونفهم الوصايا الإلهية التي وردت فيه، ونطلب من الرب نعمة لكي ننفذها فعلاً.
مثلاً:
حين أقرأ الآية أن أخطأ إليك أخوك فأذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما” (مت 15:11، اسرع إلى صديقي الذى كان قد أخطأ إلى وأعاتبه في محبة وأكسبه من جديد. وحين أقرأ الآية: “اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة” (مت 41:26)، أنظر حياتي فعلاً وأبدأ بأن أواظب على الصلاة بأمانة حتى لا أقع في تجربة. وحين أسمع قول الرب “من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه” (مت 28:5)، أطلب منه بدموع أن يطهر نظراتي لتصير مقدسة … وهكذا.
وهذه كانت طريقة آبائنا القديسين حين كان الإنجيل غير مطبوع والنسخ الموجودة منه قليلة جداً، ولكنهم بسبب طاعة الوصية صاروا قديسين بل صاروا أناجيل متحركة بين الناس وكسبوا نفوساً كثيرة للمسيح. لقد سمع القديس أنطونيوس آية من شماس في الكنيسة فمضى، وباع كل ما كان له، وتبع المسيح، فصار سبب بركة لكل العالم ولكل الأجيال.
2- الطريقة التأملية:
وهذه طريقة مهمة ومشبعة، فيها يقرأ الإنسان بعض الآيات، ويكررها في هدوء وعمق، ثم يبدأ يناجى بها الله معبراً عن شكره إذا كانت الآيات تتحدث عن عمل الله معنا، أو عن انسحاقه إذا كانت تبكته على خطاياه، أو عن فرحه بالرب أن كانت تشرح له حب الله للنفس البشرية كما في سفر النشيد وهكذا.
مثلاً:
حين يقرأ الآية: “محبوب هو أسمك يارب فهو طول النهار تلاوتي” (مز 97:1199). يبدأ يناجى الرب قائلاً:
مستحق يارب أن أحبك، لأنك فديتنى وجهزت لي خلاصاً ثميناً وأبدية سعيدة، لكنى مسكين لأن محبتي للعالم وللجسد وللبشر كثيراً ما تحرمنى منك .. متى تكون محبوباً حتى الأعماق؟! متى يصير أسمك طول النهار تلاوتي؟! متى أردد صلاة يسوع باستمرار: “ياربى يسوع المسيح ارحمنى، يارب يسوع المسيح أعنى، أنا أسبحك ياربى يسوع المسيح” …
وهكذا تشبع النفس بكلمات الكتاب، وتتحول الكلمات إلى صلوات، والصلوات إلى شبع وقوة.
3- الطريقة الدراسية:
وهذه طريقة مهمة أيضًا لأننا حين نقرأ كلام الله بدون فهم تقل استفادتنا منه، أما إذا فهمناه ودرسناه بتعمق يسهل أن نشبع به ونمتلئ منه. والمقصود بهذه الطريقة أن ندرس الجزء المقصود بعمق وتحليل. مثلاً في رسالة رومية قد أقرأ ولا أفهم المقصود، ذلك لأنه يلزم أن أدرس مقدمة لهذه الرسالة تتحدث عن سبب وموضوع وأقسام الرسالة وأفكارها الرئيسية وهكذا أبدأ أن أفهم ثم أتعمق في الدراسة فأقرأ كتابًا تفسيريًا للرسالة، ثم أقرأ كتبًا مختلفة عنها، وهكذا. أنها دراسة تفصيلية للسفر، أو لموضوع فيه، أو لشخصية من شخصياته.. وهكذا أتعمق في دراسة كلمة الله المشبعة.
لقد كتب الآباء والمفسرين ملايين الصفحات في تفسير الكتاب المقدس، وما زال الباب مفتوحاً للمجتهدين!
هذه الطرق الثلاث تتكامل وتشد بعضها بعضاً، لذلك يستحسن أن أطبقها في حياتي بالصورة التالية:
1- أقرأ في الصباح إصحاحاً من العهد الجديد، وأتأمل فيه مناجياً الرب يسوع (الطريقة التأملية)، ثم أخذ وصية معينة وأحاول تطبيقها طول اليوم (الطريقة العملية).
2- أقرأ في المساء بعض الإصحاحات أو التفسيرات لتتكون لدى فكرة متعمقة شيئاً فشيئاً عن الكتاب المقدس (الطريقة الدراسية).
أساليب الدراسة الجماعية للكتاب المقدس:
يمكن أن ينمو حب الكتاب لدى الجماعات الدراسية إذ ما أتقن المسئول تأسيسها وحيويتها، وهذه بعض الأمثلة:
1- يمكن أن نتفق في اجتماع دراسة الكتاب على قراءة مجموعة معينة من الإصحاحات والعودة لمناقشتها في الاجتماع القادم. ويستحسن أن يكون ذلك على أساس أسئلة يأخذها الأخوة ليجيبوا عنها كتابة ثم تناقش في الاجتماع القادم، وهذه الطريقة تناسب العهد القديم بالذات.
2- ويمكن أن يتفق المسئول مع الأخوة على قراءة كمية من الإصحاحات كل يوم بصورة جماعية في الكنيسة أن سمحت ظروف الأعضاء. على أن تكون المناقشة أثناء القراءة ذات هدف محدد مثل: استخراج الآيات والرموز والشخصيات التي تشير إلى السيد المسيح فى العهد القديم، أو تسجيل وتجميع الآيات التي تخص أحد الموضوعات في العهد الجديد مثل: الإيمان، المحبة، الفداء، الخدمة، السلام … الخ.
3- يجب أن يهتم المسئول بتحفيظ أكبر عدد ممكن من الآيات والنصوص المشبعة كالموعظة على الجبل (متى 5-7). والخطاب الوداعى والصلاة الشفاعية (يوحنا 17-14)، وإصحاح المحبة (اكورنثوس 13)، وإصحاح الإيمان (عبرانيين 11) … الخ، ويعطى هدايا للمجتهدين.
4- أسلوب المناقشة هام جداً، ومعناه طرح إصحاح معين للتأمل الجماعي والمناقشة المشتركة. فهذا يعود الأخوة على التأمل الروحي، والدراسة المتعمقة، وربط أجزاء الكتاب ببعضها البعض، والتعبير النافع للسامعين… أنه تدريب روحي مفيد للعضو ولخدمته في المستقبل.