البابا شنودة الثالثالتاريخ الكنسيالشجرة المغروسةالكنيسةموضوعات مسيحية

شهادة البابا شنودة الثالث للمتنيح نيافة الأنبا بيشوي

كلمة قداسة البابا شنوده الثالث

فى مناسبة اليوبيل الفضى لسيامة نيافة الأنبا بيشوى

باسم الآب والابن والروح القدس الاله الواحد أمين

يسرني يا أبنائي وأخوتي الأحباء أن اشترك معكم في الإحتفال باليوبيل الفضي لسيامة نيافة الأنبا بيشوي أسقفًا. ويسرني أن أتحدث بالأكثر عن نيافة الأنبا بيشوي لما تربطني به من عوامل كثيرة من المحبة والثقة.

كثير هو الحديث، الذي يمكن أن نقوله عن هذا الأسقف الفاضل.

أولاً: هو فرع نافع ويانع من أسرة طيبة عريقة الأصل. كنت أعرف عمه الأستاذ الفونس نيقولا. وكان الأستاذ الفونس نقولا هو كبير أقباط دمياط. وكان أيضاً نائباً في البرلمان فيما قبل الثورة. وكان نقيباً للمحامين في دمياط أيضاً. وكان رجلاً فصيح اللسان قوياً في بلاغته. وكانت تربطني به رابطة محبة عميقة. وحينما كنت أذهب إلي دمياط للوعظ، وأنا أسقف، كنت أبيت في بيته في دمياط أو في عشته في رأس البر.

أيضاً كان العم الأخر لنيافة الأنبا بيشوي أستاذاً كبيراً في الجامعة ومهندساً كبيراً أيضاً ورجلاً له مكانته.

ولعله عن أسرته ورث هذ الذكاء. فمنذ طفولته وهو انسان نابغ. وحينما كان طالباً في كلية الهندسة كان الأول بإستمرار وكان ينجح بدرجة إمتياز. وعين معيداً في الكلية. ونال درجة الماجستير. ولو استمر في نهج هذا التعليم لأصبح استاذاً كبيراً في الهندسة أو عميداً، لكنه إختار طريق الرهبنة، وحياة الصلاة والتأمل وتكريس النفس كُليةً لله. بحيث لا يشغله عن الله شئ من أمور العالم كله.

هذا الذكاء الذي اتصف به نيافة الأنبا بيشوي استمر معه في حياته كلها طبعًا. وكان إلي جوار الذكاء، ولا يزال يتميز بحياة التدقيق. فهو يدقق كثيراً في كل لفظ وفي كل تصرف. ودقته أيضاً صاحبته في التفكير اللاهوتي. فكان له مركز كبير في الحوار اللاهوتي بيننا، وبين سائر الطوائف المسيحية. ودقته أيضاً صاحبته في تحقيقاته مع الأباء الكهنة. وأصبح إنساناً في منتهى الدقة في التحقيق وفي التدقيق.

ذكاؤه، ودقته، وعلمه، كل ذلك رشحه لتبوء مناصب عديدة في الكنيسة لها أهميتها. صار أسقفاً لإيبارشية واسعة تشمل ثلاث محافظات. وصار رئيساً لدير القديسة دميانة ببراري بلقاس. وصار سكرتيراً عاماً للمجمع المقدس وصار نائباً عني في رئاسة المجلس الأكليريكي العام. وصار أيضاً يمثل الكنيسة في الحوار اللاهوتي مع الكنائس الأخري.

ففي حوارنا مع أخوتنا الأرثوذوكس البيزنطيين كان يمثل ليس كنيستنا فقط وإنما أيضاً كل الكنائس الأرثوذكسية الشرقية القديمة التي يسمونها Oriental Orthodox Churches. فأصبح للجنة الحوار رئيسان Two Chairmen يمثل كنائسنا الشرقية كلها: 1- نيافة الأنبا بيشوي فيما تشمل هذه المجموعة الأرثوذوكسية من كنائس، (الأقباط الأرثوذوكس والسريان الأرثوذوكس والأرمن الأرثوذوكس في أرمانيا وفي أنتيلياس والاثيوبين الارثوذوكس والارتيرين الارثوذوكس والهنود الأرثوذوكس) كلهم أختاروه يمثلهم في الحوار الأرثوذوكسي. 2- وكان يمثل الجانب الأخر نيافة المطران دامسكينوس نائباً عن البطريرك المسكوني.

نيافة الأنبا بيشوي بهذا الشكل أصبح لاهوتياً معروفاً في كنيستنا القبطية. وصار أيضاً يُدرس اللاهوت في القاهرة وفي الأسكندرية وفي شبين الكوم أيضاً. وكذلك في الكلية الأكليريكية بطنطا. وأصبح له رأي يعتد بها في المجالات اللاهوتية بكل تدقيقه وفهمه بالأمور اللاهوتية.

كما أيضاً صار مفسراً للكتاب المقدس وله مقالات منتظمة في مجلة الكنيسة (مجلة الكرازة)…

كل هذه المناصب تبوأها نيافة الأنبا بيشوي بسبب مؤهلاته وإمكانياته الذهنية، والشخصية، والروحية أيضاً.

وهو انسان أيضاً له طاقة كبيرة علي العمل. يستطيع أن يسهر إلي ساعات بعد منتصف الليل أو إلي ما يقرب الصباح. له طاقة علي العمل لا يكل.

ويتميز أيضاً بأخلاصه، إخلاصه للكنيسة، وإخلاصه لي شخصيًا، وإخلاصه لكل فكرٍ لاهوتي، وإخلاصه لله قبل كل شئ.

وهو إنسان محبوب بين أعضاء المجمع المقدس، وفي المحيط الكنسي بصفة عامة، سواء داخل مصر أوخارجها. وفي حوارنا مع الأخوة الكاثوليك، قَدّرته كثيراً مؤسسة ( Pro-Orienta ومعناها من أجل الشرق) وهي مؤسسة كاثوليكية صار فيها من الأشخاص البارزين بالنسبة إلي تقدير هذه المؤسسة له.

ونيافة الأنبا بيشوي له مجالاً في التعمير وفي العمل الكنسي. ودير القديسة دميانة ببراري بلقاس شاهد علي ذلك.

ومن المناصب التي تقلدها أيضاً أنه صار عضواً مرموقاً في هيئة الأوقاف القبطية التي تنظر في كل أوقاف الأقباط في مصر وفي كافة الإيبارشيات.

وهو إنسان متحمس لعمل الخير وجاد في هذا العمل أيضاً.

أنا أرجو له ولإيبارشيته كل نجاح في خدمة الكنيسة وفي خدمة بلادنا مصر وفي محبة وطننا العزيز.

واحتفالكم اليوم بيوبيله الفضي دليل علي محبتكم له وعلي إخلاصكم له وعلي تقديركم لكل ما قام به من جهد ليس فقط بالنسبة لإيبارشية دمياط وكفر الشيخ وبلقاس بل أيضاً عمله في الكنيسة كلها داخل مصر وخارج مصر.

ولقد صاحبني في كثير من رحلاتي، وكنا أحيانا في أسفارنا نعمل ونحن في الطائرة. كانت فترة السفر هي فترة عمل مُجْدي ومفيد. وأتذكر أننا وضعنا قانون الكنيسة الخاص بفرنسا ونحن في الطائرة. كذلك قام نيافته بالإشراف علي وضع قانون كنائسنا في المانيا وتولي رئاسة مجلس هذه الكنائس فترة طويلة الي أن قمنا بسيامة أسقف خاص برعايتها.

وكذلك تدخل بشكل جاد ومُجْدٍ في وضع قانون كنائسنا في استراليا. وكان يجلس مع المحامي الكبير الذي كلفناه بهذه المهمة ويتابع معه بنود قوانين الكنيسة في استراليا خطوة خطوة.

في نفس الوقت اشترك في وضع القانون الموحد لكنائسنا في امريكا. واشترك معه في هذا الأمر بعض الأباء الأساقفة والكهنة ومستشارنا القانوني هناك.

لذلك كما ترون أنه انسان كان يعمل في ميادين متسعة للغاية في مصر وفي المهجر وفي أوروبا وفي امريكا وفي استراليا. وفي اشتراكه معي في كثير من اسفارنا.

أرجو له من الرب كل خير وأرجو لكم سعادة في رعايته لهذه الإيبارشية وسلاماً وتقدماً في كل شئ ولإلهنا المجد الدائم إلي الأبد أمين..

قداسة البابا شنوده الثالث

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى