إيمان الكنيسةالإيمانالتاريخ الكنسيالكنيسةموضوعات مسيحيةمينا المصري

لاهوتي هرطوقي اندسّ داخل الكنيسة!

بقلم: مينا المصري

ظهر الرجل في الوسط الكنسي بشكل مفاجئ، ولم يُعرف عنه تاريخًا واضحًا قبل شهرته، وكأنه كان يتعمد الصمت وعدم البوح بأفكاره حتى تصبح له قوة وشهرة تحميه، كان يتمتع بالذكاء وسرعة البديهة، ولكنه كان مخادعًا يظهر خلاف ما يبطن.

دخل في مجال الدراسة اللاهوتية، ودرس الفلسفة المسيحية حتى دخل في السلك الكهنوتي، وصار يعظ على منبر أهم كنيسة في الإسكندرية، واستطاع بخبث أن يجذب الجماهير من خلال كتاباته التي كان يخفي سمومه الفكرية بين سطورها، وذلك بأسلوبه الأدبي الجذاب وحديثه العذب الذي يخفي ورائه طبعه المتغطرس.

وكان منهجه يعتمد على أن يسأل الناس أسئلة تهكمية ساخرة تبلبل عقولهم وتشككهم فيما قد استلموه، حتى تهتز صورة التعليم الأرثوذكسي المستقيم في عقولهم، ووصل به الأمر أنه في منشوراته الأدبية كان يحاول أن يقلل من شأن الابن ولاهوته داخل الثالوث، وذلك من خلال حادثة صلاة المسيح في بستان جثيمانى، بالإضافة لحوادث أخرى كثيرة.

مرت عليه فترة لم يكن متاح له فيها أن يعلم بهرطقته، حتى جاء عهد جديد سُمح له فيه بالتعليم، وبدأت تتفتح أمامه الأبواب التي كانت مغلقة، فانطلق، وصار يخطب ويعلم في الكنائس والمجتمعات المختلفة، وحصل للأسف على دعم قوي من بعض الأساقفة.

كان له تلاميذ وأتباع أسوء منه، وأكثر جراءة وصراحة منه في التعبير عن هرطقته، على العكس منه تمامًا، فقد كان ماهرًا في المراوغة ويختار عباراته بحرص شديد، وكان يطمح وكانوا يحلمون معه في أن يصل إلى البطريركية.

هذا الرجل هو القس آريوس الذي كان يعظ في كنيسة بوكاليا بالإسكندرية، وقد قام بحرمه من الشركة والتعليم البابا بطرس خاتم الشهداء، حتى أعاده البابا أرشيلاوس مرة أخرى، وكان مدعومًا من أساقفة فاسدي الذهن على رأسهم ذئب نيقوميديا الأسقف يوسابيوس.

كانت هرطقة آريوس تتلخص في إنكار أزلية الابن، وعدم مساواة الابن للآب في الجوهر، وقد وقف أمامه وأمام هرطقته الشماس أثناسيوس في مجمع نيقية، الذي لقبته الكنيسة بحامي الإيمان، واستطاع بإيمانه القوي بالإله الكلمة المتجسد ومن خلال مرجعية الكنيسة أن يدحض أطروحات آريوس العقلية الفاسدة.

لمتابعة الكاتب على فيسبوك

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى