ردًا على بدع حديثة.. الأنبا غريغوريوس يكتب عن الكفارة والفداء.. والموت النيابي.. والعدل الإلهي

في الفداء إعلان لعدالة الله.. التي لا حد لها، ودليل على احترامه لكلمته والحكم الذي صدر من فيه على الإنسان، فالله عظيم عظمة بغير حدود، وكلامه لذلك لا يسقط ولا يزول، ولن يتغير حكمه بغير ترضية كافية لعدالته، ولن يكون غنى جوده على حساب عدالته الكاملة. ومع أن هذه الترضية لعدالته اقتضته أن يقوم هو ذاته بها لكنه لم يبخل بذاته وفى هذا الحب كل الحب.. كما أن فيه العدل كل العدل.
في الصليب التقى عدل الله برحمته ومحبته، أما عدل الله فقد برز واضحا في أن حكم الموت قد نفذ فعلاً، ولم يتراجع الله عن قضائه احتراما لكلمته التي حكم بها على آدم، وأما رحمة الله ومحبته فقد وضحت في أنه تنازل بذاته وقبل أن يتخذ شكل الإنسان، ويموت بديلاً عن الإنسان “ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يبذل نفسه عن أحبائه” (يو15: 3) نعم في الصليب “الرحمة والحق تلاقيًا، العدل والسلام تلاثماً” (مز85: 10)
خلاص الإنسان اقتضى أن يتخذ الله صورة الإنسان، فيتجسد، وفى تجسده يصير بديلاً عن الإنسان وفاديا عن الإنسان بموته بدلاً منه، تنفيذًا للحكم الصادر على الإنسان بالموت عقابا على مخالفته. ولما كان المسيح الفادي غير محدود من حيث لاهوته، ففي موت المسيح بالجسد وفاء للعدل الإلهي غير المحدود.
أن الإنسان بسقوطه في المعصية قد باع نفسه لمشورة الشيطان، ثم حرم من ملكوت السماوات، ولذلك فأرواح القديسين والأشرار كان الشيطان يقبض عليها ويمضي بها إلى الحبوس أي الجحيم إلى أن صلب المسيح الفادي واسترضى بصلبه العدالة الإلهية، فغفرت الخطيئة ومحيت العقوبة الأبدية، وأصبح الإنسان باستحقاقات المسيح وحده أهلًا لملكوت المسيح.
عن كتاب:
“علم اللاهوت العقيدي، سري التجسد والفداء”