إيمان الكنيسةالإيمانلاهوت مقارنموضوعات مسيحيةنيافة الأنبا رافائيل

مفهوم المعجزة.. بقلم: نيافة الأنبا رافائيل

تقديم: نيافة الأنبا موسى

دراسة جميلة وهامة، ذات أبعاد كتابية وآبائية، تشرح لنا معنى المعجزة، وكيف أن الله هو صانع المعجزات وحده، فالمعجزة هي ما يعجز الإنسان عن إتيانه أو عن فهمه، أما القديسون، فقد أعطاهم الرب أن يصنعوا المعجزات لحكمة وهدف، إذ من خلالها يتعرف الناس على إلهنا المحب، فيؤمنون به، ويشعرون بحنانه ورعايته الفائقة.

وهناك ارتباط بين المعجزة والإيمان، أحدهما يقود إلى الآخر. ولا يجوز أن يتباهى أحد بأنه صانع معجزات، فهناك قديسون لم يصنعوا معجزات، وهناك أشرار صنعوها بفِعل الشيطان ليضلوا البشر.

ولقد كنَّا في حاجة إلى هذه الدراسة، إذ جاءت في فترة كثر فيها الإيمان بالغيبيات، وأصبح البعض يطلبون المعجزة الحسية في كل شيء، بل صار البعض يرفضون التسليم لمشيئة الله، تاركين له أن يقود حياتنا بحكمته، حتى في المرض أو الخسارة المادية أو غير ذلك من التجارب التي يسمح بها الله لبنياننا.

الرب يبارك هذه الصفحات التي أعدها نيافة الأنبا رافائيل بعناية، لمنفعة حياتنا جميعًا، بصلوات راعينا الحبيب قداسة البابا شنودة الثالث.
ونعمة الرب تشملنا جميعًا،،،
الأنبا موسى
الاسقف العام

مفهوم المعجزة:

يتكلّم الكتاب المُقدَّس كثيرًا عن المعجزات.. وهناك معجزات يُجريها الله على أيدي قديسيه الأطهار، ولا يزال حتى اليوم يتداول بعض الناس قصصًا عن معجزات تُجرى في عصرنا الحاضر. وهناك قنوات فضائية تتكلّم طول الوقت عن معجزات تحدث لبعض الناس.

† فما هي المعجزة؟
† وهل هناك معجزات حقيقية وأخرى مُزيفة؟ وكيف نفرِّق بينهما؟
† وهل عصر المعجزات انتهى.. أم مازال مستمرًا؟
† وهل الله وحده هو صانع المعجزات.. أم يسمح لقديسيه بعمل المعجزات أيضًا؟
† وما هو الهدف من المعجزات؟
† وما هي العلاقة بين المعجزة والإيمان؟ هل دائمًا تقود المعجزة إلى الإيمان بالله وقدرته الفائقة؟
† وهل يستطيع الشيطان أن يعمل معجزات؟ أو هل يستطيع الأشرار أن يعملوا معجزات؟
† هل المعجزة علامة على أن مُجريها إنسان صالح وقديس ومحبوب عند الله؟
† وهل علامة قداسة إنسان هي أن يعمل معجزات؟
بالإجمال.. ما هو موقع المعجزات في حياتنا؟
كل هذه الأفكار سنناقشها بهدوء من خلال الفكر الكتابي وشرح الآباء في هذا الكُتيب الصغير.
صلوا معي.. أن ينقذ الله شعبه وكنيسته من ضلال الشيطان وأصحاب البدع والهرطقات.. حتى متى جاء إلينا ثانية يجد الإيمان على الأرض.

1- ما هية المعجزة

المعجزة هي عمل يفوق الطبيعة، ويفوق التوقع الطبيعي، كأن يُشفى إنسان مريض بمرض عضّال فجأة وبدون علاج، أو يقوم ميت من الموت، أو غير ذلك من الأحداث فائقة الطبيعة.

وأعمال الله التي يعملها يوميًا معنا يمكن أن تُعتبر معجزات بالنسبة لنا، ولكنها شيء طبيعي بالنسبة لقدرة الله الفائقة.
لكن المعجزة الإلهية قد صارت شيئًا زهيدًا بسبب التكرار والاعتياد.. فالشمس تشرق كل يوم، وتغرب في مواعيد محددة، وحركة الأفلاك السمائية التي لا تضطرب، بل ومعجزة جسم الإنسان وما فيه من أجهزة وعمليات فسيولوجية، والعقل البشرى وما يحويه من غنى، والإبداع والقدرة على التفكير، وعدد الخلايا العصبية التي فيه وكيف تعمل، بل لو تأملنا في كل ما يحيط بنا، لأدركنا مقدار الإعجاز فيه لولا أننا اعتدنا.. فصار كل شيء لنا طبيعيًا، وبدأنا نبحث عن الأشياء الخارقة.
 وعندما تجسّد الله وحل بيننا، كان الشيء الطبيعي بالنسبة له أن تخرج منه قوة لشفاء الناس..
† “الذي جالَ يَصنَعُ خَيرًا ويَشفي جميعَ المُتَسَلطِ علَيهِمْ إبليسُ” (أع 38:10).
† “وكانَتْ قوَّةُ الرَّب لشِفائهِمْ” (لو 17:5).
† “وحَيثُما دَخَلَ إلَى قُرىً أو مُدُنٍ أو ضياعٍ، وضَعوا المَرضَى في الأسواقِ، وطَلَبوا إليهِ أنْ يَلمِسوا ولو هُدبَ ثَوْبِهِ. وكُلُّ مَنْ لَمَسَهُ شُفيَ” (مر 56:6).
† “فقالَ يَسوعُ: قد لَمَسَني واحِدٌ، لأني عَلِمتُ أنَّ قوَّةً قد خرجَتْ مِني” (لو 46:8).
لقد كان الرب يسوع وسط الناس كمثل التيار الكهربائي الذى تخرج منه قوة تُنير، وتُحرك، وتُسخن، وتُبرد. كذلك كانت القوة الخارجة من الرب تشفى، وتُطهر، وتغفر الخطايا، وتُبارك الأكل، وتُقيم الموتى… كان كل ذلك مُعجزيًا في نظر الناس، ولكنه كان طبيعيًا جدًّا بالنسبة للرب يسوع.
يمكننا أن نعتبر قيامة السيد المسيح من الموت، ليست معجزة لأنها الشيء الطبيعي بالنسبة له.. فهو ينبوع الحياة:
† “فيهِ كانَتِ الحياةُ، والحياةُ كانَتْ نورَ الناسِ” (يو 4:1).
† “قالَ لها يَسوعُ: أنا هو القيامَةُ والحياةُ. مَنْ آمَنَ بي ولو ماتَ فسَيَحيا” (يو 25:11).
† “قالَ لهُ يَسوعُ: أنَا هُو الطَّريقُ والحَقُّ والحياةُ. لَيس أحَدٌ يأتي إلَى الآبِ إلاَّ بي” (يو 6:14).
† “لأنَّ عِندَكَ يَنبوعَ الحياةِ. بنورِكَ نَرَى نورًا” (مز 9:36).
إذا أردت أن ترى معجزة.. فالمعجزة الحقيقية هي التجسد.. أن يصير الله إنسانًا!! والمعجزة الأكبر هي الصليب.. أن يموت الله.. إنه شيء غير عادى على الإطلاق!! لذلك قام المسيح من الأموات.. “ناقِضًا أوجاعَ الموتِ، إذ لم يَكُنْ مُمكِنًا أنْ يُمسَكَ مِنهُ” (أع 24:2).
والمعجزة الحقيقية التي تجرى في حياتنا هي تجديد طبيعة الإنسان، واقتناؤه الحياة السمائية.

2- الله وحده هو صانع المعجزات

الله وحده هو صانع المعجزات لأنه هو وحده القادر على كل شيء، ولا يعسُر عليه أمر..
† “مَنْ مِثلُكَ بَينَ الآلِهَةِ يارَبُّ؟ مَنْ مِثلُكَ: مُعتَزًّا في القَداسَةِ، مَخوفًا بالتَّسابيحِ، صانِعًا عَجائبَ؟” (خر 11:15).
† “فليَحمَدوا الرَّبَّ علَى رَحمَتِهِ وعَجائبِهِ لبَني آدَمَ” (مز 8:107).
† “مُبارَكٌ الرَّبُّ اللهُ إلهُ إسرائيلَ، الصّانِعُ العَجائبَ وحدَهُ” (مز 18:72).
† “لأنَّكَ عظيمٌ أنتَ وصانِعٌ عَجائبَ. أنتَ اللهُ وحدَكَ” (مز 10:86).

3- القديسون والمعجزات

أحيانًا يُعطي الله رجاله القديسين أن يصنعوا عجائب باسمه..
† “وصارَ خَوْفٌ في كُل نَفسٍ. وكانَتْ عَجائبُ وآياتٌ كثيرَةٌ تُجرَى علَى أيدي الرُّسُلِ” (أع 43:2).
† “وجَرَتْ علَى أيدي الرُّسُلِ آياتٌ وعَجائبُ كثيرَةٌ في الشَّعبِ. وكانَ الجميعُ بنَفسٍ واحِدَةٍ في رِواقِ سُلَيمانَ” (أع 12:5).
† “وأمّا استِفانوسُ فإذ كانَ مَملوًّا إيمانًا وقوَّةً، كانَ يَصنَعُ عَجائبَ وآياتٍ عظيمَةً في الشَّعبِ” (أع 8:6).
† “فأقاما زَمانًا طَويلاً يُجاهِرانِ بالرَّب الذي كانَ يَشهَدُ لكلِمَةِ نِعمَتِهِ، ويُعطي أنْ تُجرَى آياتٌ وعَجائبُ علَى أيديهِما” (أع 3:14).
† “فسَكَتَ الجُمهورُ كُلُّهُ. وكانوا يَسمَعونَ بَرنابا وبولُسَ يُحَدثانِ بجميعِ ما صَنَعَ اللهُ مِنَ الآياتِ والعَجائبِ في الأُمَمِ بواسِطَتِهِمْ” (أع 12:15).
†”وأقامَ اثنَيْ عشَرَ ليكونوا معهُ، وليُرسِلهُمْ ليَكرِزوا، ويكونَ لهُمْ سُلطانٌ علَى شِفاءِ الأمراضِ وإخراجِ الشَّياطينِ” (مر 14:3-15).
† “وهذِهِ الآياتُ تتبَعُ المؤمِنينَ: يُخرِجونَ الشَّياطينَ باسمي، ويتكلَّمونَ بألسِنَةٍ جديدَةٍ” (مر 17:16).
† “فرَجَعَ السَّبعونَ بفَرَحٍ قائلينَ: يارَبُّ، حتَّى الشَّياطينُ تخضَعُ لنا باسمِكَ!” (لو 17:10).

4- الهدف من المعجزة

إن الهدف من المعجزة هو إظهار قوة الله، وتمجيد اسمه القدوس، حتى يُؤمن به الناس:
† “هذِهِ بدايَةُ الآياتِ فعَلها يَسوعُ في قانا الجليلِ، وأظهَرَ مَجدَهُ، فآمَنَ بهِ تلاميذُهُ” (يو 11:2).
† “فآمَنَ بهِ كثيرونَ مِنَ الجَمعِ، وقالوا: العل المَسيحَ مَتَى جاءَ يَعمَلُ آياتٍ أكثَرَ مِنْ هذِهِ التي عَمِلها هذا؟” (يو 31:7).
† “ولكن إنْ كُنتُ أعمَلُ، فإنْ لم تؤمِنوا بي فآمِنوا بالأعمالِ، لكَيْ تعرِفوا وتؤمِنوا أنَّ الآبَ فيَّ وأنا فيهِ” (يو 38:10).
† “هذا المَرَضُ ليس للموتِ، بل لأجلِ مَجدِ اللهِ، ليَتَمَجَّدَ ابنُ اللهِ بهِ” (يو 4:11).
وهناك سبب آخر أجرى من أجله السيد المسيح معجزاته الكثيرة.. فلقد جاء السيد المسيح ليعمل معجزات غير حسية في الطبيعة البشرية، وهى:
– إخراج الشيطان من سلطانه المزيف على البشر. – تجديد الطبيعة البشرية، ومنحها نعمة الاستنارة.
– أن يُقيمنا من موت الخطية، ويُحيينا حياة أبدية. – أن يعطينا أن نأكل جسده ودمه الأقدسين.
كل هذه معجزات باهرة جدًّا، ولكنها غير محسوسة، ولن يصدقها الناس.. لأننا لا نؤمن إن لم نرَ بأعيننا!! فما الدليل على أن طبيعة الإنسان تتجدد بالمعمودية؟
إننا لا نرى شيئًا ظاهريًا يحدث لمَنْ يعتمد باسم الثالوث.. وما الدليل على أن خطايا المعترف تُغفر له؟ إننا لا نرى شيئًا ملموسًا… وهكذا.
لذلك عمل السيد المسيح معجزات ظاهرية محسوسة وملموسة ومرئية، ليبرهن بها على ما يعمله داخليًا فينا، دون أن نرى أو نحس أو نلمس.
هذه الحقيقة يمكن أن ندركها من كلام السيد المسيح مع اليهود في معجزة شفاء المفلوج.. “ولكن لكَيْ تعلَموا 
أنَّ لابنِ الإنسانِ سُلطانًا علَى الأرضِ أنْ يَغفِرَ الخطايا، قالَ للمَفلوجِ: لكَ أقولُ: قُمْ واحمِلْ فِراشَكَ واذهَبْ إلَى بَيتِكَ!” (لو 24:5).
إنهم لم يصدقوا أن الرب قادر على غفران الخطايا، لأنهم لم يروا شيئًا.. فبرهن لهم بالمعجزة الحسية على قدرته الفائقة، وعلى قوة كلمته: “فلَمّا رأَى إيمانَهُمْ قالَ لهُ: “أيُّها الإنسانُ، مَغفورَةٌ لكَ خطاياكَ”. فابتَدأَ الكتبةُ والفَريسيّونَ يُفَكرونَ قائلينَ: “مَنْ هذا الذي يتكلَّمُ بتجاديفَ؟ مَنْ يَقدِرُ أنْ يَغفِرَ خطايا إلا اللهُ وحدَهُ؟”. فشَعَرَ يَسوعُ بأفكارِهِمْ، وأجابَ وقالَ لهُمْ: “ماذا تُفَكرونَ في قُلوبِكُمْ؟ أيُّما أيسَرُ: أنْ يُقالَ: مَغفورَةٌ لكَ خطاياكَ، أم أنْ يُقالَ: قُمْ وامشِ؟… فأخَذَتِ الجميعَ حَيرَةٌ ومَجَّدوا اللهَ، وامتَلأَُوا خَوْفًا قائلينَ: “إنَّنا قد رأينا اليومَ عَجائبَ!” (لو 20:5-26).

إن الإنسان لا يصدق إلاَّ ما يراه.. والله يشفق علينا، ويتنازل إلى مستوانا ليربحنا في الإيمان. وهذا ما حدث مع حزقيا الملك عندما استجاب الله صلواته، وأمد في عمره وأعطاه لذلك علامة حسية ليصدق كلام الله.. “فصارَ قَوْلُ الرَّب إلَى إشَعياءَ قائلاً: “اذهَبْ وقُلْ لحَزَقيّا: هكذا يقولُ الرَّبُّ إلهُ داوُدَ أبيكَ: قد سمِعتُ صَلاتَكَ. قد رأيتُ دُموعَكَ. هأنذا أُضيفُ إلَى أيّامِكَ خَمسَ عشَرَةَ سنَةً. ومِنْ يَدِ مَلِكِ أشّورَ أُنقِذُكَ وهذِهِ المدينةَ. وأُحامي عن هذِهِ المدينةِ. وهذِهِ لكَ العَلامَةُ مِنْ قِبَلِ الرَّب علَى أنَّ الرَّبَّ يَفعَلُ هذا الأمرَ الذي تكلَّمَ بهِ: هأنذا أُرَجعُ ظِلَّ الدَّرَجاتِ الذي نَزَلَ في دَرَجاتِ آحازَ بالشَّمسِ عشَرَ دَرَجاتٍ إلَى الوَراءِ”. فرَجَعَتِ الشَّمسُ عشَرَ دَرَجاتٍ في الدَّرَجاتِ التي نَزَلَتها” (إش 4:38-8).
وإن كان الأصل هو أننا نصدق بدون المعجزة لأن “الإيمانُ فهو الثقَةُ بما يُرجَى والإيقانُ بأُمورٍ لا تُرَى” (عب 1:11).

وكما عاتب السيد المسيح توما بسبب احتياجه للبرهان المحسوس، وقال له: “لأنَّكَ رأيتَني يا توما آمَنتَ! طوبَى للذينَ آمَنوا ولم يَرَوْا” (يو 29:20).
† لقد أخرج السيد المسيح الشياطين من أجساد الناس بمعجزات محسوسة.. ليُعرِّفنا أنه جاء ليُخرج الشيطان من سلطانه على البشر.
† وشفى البَرص.. ليُعرِّفنا أنه جاء ليشفى الطبيعة البشرية التي فسدت بسبب الخطية.
† وشفى المجانين.. ليُعرِّفنا أنه جاء ليرد للبشر عقلهم المسلوب منهم بسبب سلطان الشيطان عليهم.
† وشفى العميان.. ليرد لنا البصيرة الروحية في سر الاستنارة أي (المعمودية).
† وشفى الأصم.. ليفتح آذاننا، لنسمع صوته العذب بعد أن شوَّشت عليه أصوات العالم والصخب والشهوات.
† وشفى المشلولين، وذوى الأعضاء اليابسة، والمفلوجين… ليحررنا من قيود الخطية فنتحرك معه في طريق القداسة والبر والخدمة.
† وشفى نازفة الدم.. ليوقف نزيف الخطية التي أنهكت البشرية.
† وأشبع الجموع من الخبزات والسمك.. ليُعرِّفنا أنه جاء ليشبعنا بنعمته الغنية ويده المباركة، ويُمهدنا للأكل من جسده ودمه الأقدسين.
† وأقام الموتى.. ليُعلِّمنا بنهاية سلطان الموت والفساد، وأنه جاء ليُقيمنا من موت الخطية، ويحيينا حياة أبدية.
† وهدأ العواصف.. ليُطمئننا أنه قادر أن يسكت صخب عواصف الشهوات، ويهدئ نفوسنا المضطربة.
† ومشى على الماء.. ليُعرِّفنا أنه خالق الطبيعة، ومسيطر عليها، فلا نعود نخاف من بحر أو نار أو أي كارثة تحدث في الطبيعة طالما هو معنا.
† ولعن التينة فيبست.. ليُعرِّفنا أنه كما هو طيب وصالح هو أيضًا حازم ويجازى الأشرار غير المثمرين.
† وسمح بصيد السمك الكثير.. لينبئنا بالكنيسة المُقدَّسة التي ستصطاد المؤمنين ليكونوا معه كل حين.
† وحوّل الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل.. ليُبرهن لنا مقدرته على تحويل الخمر إلى دم مُقدَّس له، دون تغيير في الشكل أو الطعم.
† وشفى الحمى.. ليعلن أنه قادر أن يطفيء لهيب نار خطايانا والشهوات.
 إنها المعجزات الحقيقية التى تكلّم عنها إشعياء النبي في نبوته قائلاً: “ويَسمَعُ في ذلكَ اليومِ الصُّمُّ أقوالَ السفرِ، وتنظُرُ مِنَ القَتامِ والظُّلمَةِ عُيونُ العُميِ، ويَزدادُ البائسونَ فرَحًا بالرَّب، ويَهتِفُ مَساكينُ الناسِ بقُدّوسِ إسرائيلَ” 
(إش 18:29-19).

لقد تنبأ إشعياء النبي عن عصر المسيا بهذه الأقوال النبوية. اسمع نشيد المسيا لترى معنى المعجزة الحقيقية:
† “تفرَحُ البَريَّةُ والأرضُ اليابِسَةُ، ويَبتَهِجُ القَفرُ ويُزهِرُ كالنَّرجِسِ. يُزهِرُ إزهارًا ويَبتَهِجُ ابتِهاجًا ويُرَنمُ. يُدفَعُ إليهِ مَجدُ لُبنانَ. بَهاءُ كرمَلَ وشارونَ. هُم يَرَوْنَ مَجدَ الرَّب، بَهاءَ إلهِنا. شَددوا الأياديَ المُستَرخيَةَ، والرُّكَبَ المُرتَعِشَةَ ثَبتوها. قولوا لخائفي القُلوبِ: “تشَدَّدوا لا تخافوا. هوذا إلهُكُمُ. الانتِقامُ يأتي. جِزاءُ اللهِ. هو يأتي ويُخَلصُكُمْ”. حينَئذٍ تتفَقَّحُ عُيونُ العُميِ، وآذانُ الصُّم تتفَتَّحُ. حينَئذٍ يَقفِزُ الأعرَجُ كالإيَّلِ ويترَنَّمُ لسانُ الأخرَسِ، لأنَّهُ قد انفَجَرَتْ في البَريَّةِ مياهٌ، وأنهارٌ في القَفرِ. ويَصيرُ السَّرابُ أجَمًا، والمَعطَشَةُ يَنابيعَ ماءٍ. في مَسكِنِ الذئابِ، في مَربِضِها دارٌ للقَصَبِ والبَردي. وتكونُ هناكَ سِكَّةٌ وطَريقٌ يُقالُ لها: “الطَّريقُ المُقَدَّسَةُ”. لا يَعبُرُ فيها نَجِسٌ، بل هي لهُمْ. مَنْ سلكَ في الطريقِ حتَّى الجُهّالُ، لا يَضِلُّ. لا يكونُ هناكَ أسَدٌ. وحشٌ مُفتَرِسٌ 
لا يَصعَدُ إليها. لا يوجَدُ هناكَ. بل يَسلُكُ المَفديّونَ فيها. ومَفديّو الرَّب يَرجِعونَ ويأتونَ إلَى صِهيَوْنَ بترَنُّمٍ، وفَرَحٌ أبديٌّ علَى رؤوسِهِمِ. ابتِهاجٌ وفَرَحٌ يُدرِكانِهِمْ. ويَهرُبُ الحُزنُ والتَّنَهُّدُ” (إش 1:35-10).
† “روحُ السَّيدِ الرَّب علَيَّ، لأنَّ الرَّبَّ مَسَحَني لأُبَشرَ المَساكينَ، أرسَلَني لأعصِبَ مُنكَسِري القَلبِ، لأُناديَ للمَسبيينَ بالعِتقِ، وللمأسورينَ بالإطلاقِ. لأُناديَ بسَنَةٍ مَقبولَةٍ للرَّب، وبيومِ انتِقامٍ لإلهِنا. لأُعَزيَ كُلَّ النّائحينَ. لأجعَلَ لنائحي صِهيَوْنَ، لأُعطيَهُمْ جَمالاً عِوَضًا عن الرَّمادِ، ودُهنَ فرَحٍ عِوَضًا عن النَّوْحِ، ورِداءَ تسبيحٍ عِوَضًا عن الرّوحِ اليائسَةِ، فيُدعَوْنَ أشجارَ البِر، غَرسَ الرَّب للتَّمجيدِ. ويَبنونَ الخِرَبَ القَديمَةَ. يُقيمونَ الموحِشاتِ الأوَلَ، ويُجَددونَ المُدُنَ الخَرِبَةَ، موحِشاتِ دَوْرٍ فدَوْرٍ. ويَقِفُ الأجانِبُ ويَرعَوْنَ غَنَمَكُمْ، ويكونُ بَنو الغَريبِ حَرّاثيكُمْ وكرّاميكُمْ. أمّا أنتُمْ فتُدعَوْنَ كهنةَ الرَّب، تُسَمَّوْنَ خُدّامَ إلهِنا. تأكُلونَ ثَروَةَ الأُمَمِ، وعلَى مَجدِهِمْ تتأمَّرونَ” (إش 1:61-6).

وهناك هدف آخر للمعجزة يظهر من معظم معجزات السيد المسيح.. وهو شفقة الله على الناس والخليقة..
† في معجزة إشباع الجموع، قال الرب يسوع: “إني أُشفِقُ علَى الجَمعِ، لأنَّ الآنَ لهُمْ ثَلاثَةَ أيّامٍ يَمكُثونَ مَعي وليس لهُمْ ما يأكُلونَ” (مر 2:8).
† وفي معجزة شفاء الأبرص قيل: “فتَحَنَّنَ يَسوعُ ومَدَّ يَدَهُ ولَمَسَهُ وقالَ لهُ: أُريدُ، فاطهُرْ!” (مر 41:1).
† وقيل كذلك: “فلَمّا خرجَ يَسوعُ أبصَرَ جَمعًا كثيرًا فتَحَنَّنَ علَيهِمْ وشَفَى مَرضاهُمْ” (مت 14:14).
† وفي معجزة شفاء الأعميْين قيل: “فتَحَنَّنَ يَسوعُ ولَمَسَ أعيُنَهُما، فللوقتِ أبصَرَتْ أعيُنُهُما فتبِعاهُ” (مت 34:20).
†وفي معجزة إقامة ابنة الأرملة بنايين قيل: “فلَمّا رَآها الرَّبُّ تحَنَّنَ علَيها، وقالَ لها: لا تبكي” (لو 13:7).

لقد عمل الله المعجزة فأخرج بطرس من السجن، لكنه سمح قبلها مباشرة بأن يُقتل يعقوب بالسيف في نفس السجن!!
وأيضًا عمل الله المعجزة مع الثلاث فتية القديسين فأطفأ لهيب النار لهم، لكنه سمح أن يحترق جسد القديس “بوليكاربوس” فى نيران المضطهدين!!
حقًا يا سيدي.. نؤمن بقدرتك الإلهية.. نؤمن دون أن نطلب البرهان الحسي،
لأننا نثق فيك، ونؤمن دون أن نتعلق بالمعجزة..
لأننا نعرف قدرتك الإلهية الفائقة، 
وتدبيرك الصالح لحياتنا.

5- علاقة المعجزة بالإيمان

هل يعمل الله معجزة بسبب إيمان الناس، أم أنه يعمل المعجزة لكي يؤمنوا به؟!!
إن الإيمان هو “الثقَةُ بما يُرجَى والإيقانُ بأُمورٍ لا تُرَى” (عب 1:111)، فيجب أن يكون الإيمان نابعًا من القلب دون احتياج إلى معجزة. لذلك عاتب السيد المسيح توما قائلاً: “لأنَّكَ رأيتَني يا توما آمَنتَ! طوبَى للذينَ آمَنوا ولم يَرَوْا” (يو 29:20).
إن الناس – من جهة هذا الأمر – ينقسمون إلى عدة أنواع :

1- أناس نالوا المعجزة بسبب إيمانهم، مثل:
أ- نازفة الدم : وقد قال لها السيد المسيح: “ثِقي يا ابنَةُ، إيمانُكِ قد شَفاكِ. فشُفيَتِ المَرأةُ مِنْ تِلكَ السّاعَةِ” (مت 22:9).
ب- الأعميان : “حينَئذٍ لَمَسَ أعيُنَهُما قائلاً: بحَسَبِ إيمانِكُما ليَكُنْ لكُما” (مت 29:9).
ج- المرأة الكنعانية : “يا امرأةُ، عظيمٌ إيمانُكِ! ليَكُنْ لكِ كما تُريدينَ. فشُفيَتِ ابنَتُها مِنْ تِلكَ السّاعَةِ” (مت 28:15).
د- الأعمى : “فقالَ لهُ يَسوعُ: “اذهَبْ. إيمانُكَ قد شَفاكَ”. فللوقتِ أبصَرَ، وتبِعَ يَسوعَ في الطريقِ” (مر 52:10).
ه‍- غلام قائد المئة : “ثُمَّ قالَ يَسوعُ لقائدِ المِئَةِ: “اذهَبْ، وكما آمَنتَ ليَكُنْ لكَ”. فبَرأَ غُلامُهُ في تِلكَ السّاعَةِ” (مت 13:8).
و- ابنة رئيس المجمَع : “لا تخَفْ! آمِنْ فقط، فهي تُشفَى” (لو 50:8).
ز- في إقامة لعازر : “قالَ لها يَسوعُ: ألَمْ أقُلْ لكِ: إنْ آمَنتِ ترَينَ مَجدَ اللهِ؟” (يو 40:11).

2- أناس آمنوا بسبب المعجزة:
أ- معجزة قانا الجليل : “هذِهِ بدايَةُ الآياتِ فعَلها يَسوعُ في قانا الجليلِ، وأظهَرَ مَجدَهُ، فآمَنَ بهِ تلاميذُهُ” (يو 11:2).
ب-“ولَمّا كانَ في أورُشَليمَ في عيدِ الفِصحِ، آمَنَ كثيرونَ باسمِهِ، إذ رأَوْا الآياتِ التي صَنَعَ” (يو 23:2).
ج- شفاء ابن خادم الملك : “ففَهِمَ الأبُ أنَّهُ في تِلكَ السّاعَةِ التي قالَ لهُ فيها يَسوعُ: “إنَّ ابنَكَ حَيٌّ”. فآمَنَ هو وبَيتُهُ كُلُّهُ” (يو 53:4).
د- إقامة طابيثا : “فصارَ ذلكَ مَعلومًا في يافا كُلها، فآمَنَ كثيرونَ بالرَّب” (أع 42:9).
ه‍- في معجزة إقامة لعازر : “فكثيرونَ مِنَ اليَهودِ الذينَ جاءوا إلَى مَريَمَ، ونَظَروا ما فعَلَ يَسوعُ، آمَنوا بهِ” (يو 45:11).
و- معجزة ضربة عليم الساحر : “فالوالي حينَئذٍ لَمّا رأَى ما جَرَى، آمَنَ مُندَهِشًا مِنْ تعليمِ الرَّب” (أع 12:13).

3- أناس لم يُؤمنوا بالرغم من المعجزة:
أ- “ومع أنَّهُ كانَ قد صَنَعَ أمامَهُمْ آياتٍ هذا عَدَدُها، لم يؤمِنوا بهِ” (يو 37:12).
ب- “فجَمَعَ رؤَساءُ الكهنةِ والفَريسيّونَ مَجمَعًا وقالوا: ماذا نَصنَعُ؟ فإنَّ هذا الإنسانَ يَعمَلُ آياتٍ كثيرَةً. إنْ ترَكناهُ هكذا يؤمِنُ الجميعُ بهِ، فيأتي الرّومانيّونَ ويأخُذونَ مَوْضِعَنا وأُمَّتَنا” (يو 47:11-48).
ج- الكتبة والفريسيون لم يؤمنوا، بل انتقدوا السيد المسيح لأنه صنع بعض المعجزات في السبت، ولم يلتفتوا إلى المعجزة، إنما انشغلوا بالسبت، مثل هذه المواقف:
† شفاء اليد اليابسة : “ثُمَّ قالَ للإنسانِ: “مُدَّ يَدَكَ”. فمَدَّها. فعادَتْ صَحيحَةً كالأُخرَى” (مت 13:12)، “فلَمّا خرجَ الفَريسيّونَ تشاوَروا علَيهِ لكَيْ يُهلِكوهُ” (مت 14:12).
† المرأة المنحنية : “فأجابَ رَئيسُ المَجمَعِ، وهو مُغتاظٌ لأنَّ يَسوعَ أبرأَ في السَّبتِ، وقالَ للجَمعِ: هي سِتَّةُ أيّامٍ يَنبَغي فيها العَمَلُ، ففي هذِهِ ائتوا واستَشفوا، وليس في يومِ السَّبتِ!” (لو 14:13).
† المفلوج: “فقالَ اليَهودُ للذي شُفيَ: إنَّهُ سبتٌ! لا يَحِلُّ لكَ أنْ تحمِلَ سريرَكَ” (يو 10:5)، “ولهذا كانَ اليَهودُ يَطرُدونَ يَسوعَ، ويَطلُبونَ أنْ يَقتُلوهُ، لأنَّهُ عَمِلَ هذا في سبتٍ” (يو 16:5).
† المولود أعمى : “فقالَ قَوْمٌ مِنَ الفَريسيينَ: هذا الإنسانُ ليس مِنَ اللهِ، لأنَّهُ لا يَحفَظُ السَّبتَ. آخَرونَ قالوا: “كيفَ يَقدِرُ إنسانٌ خاطِئٌ أنْ يَعمَلَ مِثلَ هذِهِ الآياتِ؟” وكانَ بَينَهُمُ انشِقاقٌ” (يو 16:9).
د- مدن كثيرة لم تستفد بمعجزات السيد المسيح: “حينَئذٍ ابتَدأَ يوَبخُ المُدُنَ التي صُنِعَتْ فيها أكثَرُ قوّاتِهِ لأنَّها لم تتُبْ” (مت 20:11).

4- أناس لم تعمل لهم معجزة بسبب عدم إيمانهم:
أ- عندما سأل التلاميذ: “لماذا لم نَقدِرْ نَحنُ أنْ نُخرِجَهُ (الشيطان)؟ فقالَ لهُمْ يَسوعُ: لعَدَمِ إيمانِكُمْ” (مت 19:17-20).
ب- “حينَئذٍ أجابَ قَوْمٌ مِنَ الكتبةِ والفَريسيينَ قائلينَ: “يا مُعَلمُ، نُريدُ أنْ نَرَى مِنكَ آيَةً”. فأجابَ وقالَ لهُمْ: “جيلٌ شِريرٌ وفاسِقٌ يَطلُبُ آيَةً، ولا تُعطَى لهُ آيَةٌ إلا آيَةَ يونانَ النَّبي” (مت 38:12-39).
ج- هيرودس الملك عند محاكمة السيد المسيح.. “ترَجَّى أنْ يَرَي آيَةً تُصنَعُ مِنهُ” (لو 8:23). ومع ذلك لم يعمل له السيد المسيح معجزة بسبب عدم إيمانه.
– في أماكن كثيرة لم يؤمنوا بالسيد المسيح، فقيل عنهم: “ولم يَصنَعْ هناكَ قوّاتٍ كثيرَةً لعَدَمِ إيمانِهِمْ” (مت 58:13).

6- الشيطان والمعجزات

هل هناك معجزات يستطيع الشيطان أن يعملها؟ نعم.. وهنا تكمن الخطورة، فالشيطان يستطيع أن يعمل معجزات ليُضلِّل بها الناس، مستخدمًا في ذلك قدرته كملاك (ساقط). ولذلك ينبغي على الناس أن يحذروا من السقوط في خداع الشيطان وأوهام المعجزات الكاذبة، وذلك بشهادة الأسفار المُقدَّسة:
† “ويَقومُ أنبياءُ كذَبَةٌ كثيرونَ ويُضِلّونَ كثيرينَ” (مت 11:24).
† “اِحتَرِزوا مِنَ الأنبياءِ الكَذَبَةِ الذينَ يأتونَكُمْ بثيابِ الحُملانِ، ولكنهُمْ مِنْ داخِلٍ ذِئابٌ خاطِفَةٌ!” (مت 15:7).
† “لأني أعلَمُ هذا: أنَّهُ بَعدَ ذَهابي سيَدخُلُ بَينَكُمْ ذِئابٌ خاطِفَةٌ لا تُشفِقُ علَى الرَّعيَّةِ” (أع 29:20).
† “ولكن الرّوحَ يقولُ صَريحًا: إنَّهُ في الأزمِنَةِ الأخيرَةِ يَرتَدُّ قَوْمٌ عن الإيمانِ، تابِعينَ أرواحًا مُضِلَّةً وتعاليمَ شَياطينَ” (1تي 1:4).
† “ولكن، كانَ أيضًا في الشَّعبِ أنبياءُ كذَبَةٌ، كما سيكونُ فيكُم أيضًا مُعَلمونَ كذَبَةٌ، الذينَ يَدُسّونَ بدَعَ هَلاكٍ. وإذ هُم يُنكِرونَ الرَّبَّ الذي اشتَراهُمْ، يَجلِبونَ علَى أنفُسِهِمْ هَلاكًا سريعًا” (2بط 1:2).
† “لأنَّهُ سيَقومُ مُسَحاءُ كذَبَةٌ وأنبياءُ كذَبَةٌ ويُعطونَ آياتٍ عظيمَةً وعَجائبَ، حتَّى يُضِلّوا لو أمكَنَ المُختارينَ أيضًا” (مت 24:24).
† “إذا قامَ في وسطِكَ نَبيٌّ أو حالِمٌ حُلمًا، وأعطاكَ آيَةً أو أُعجوبَةً، ولو حَدَثَتِ الآيَةُ أو الأُعجوبَةُ التي كلَّمَكَ عنها قائلاً: لنَذهَبْ وراءَ آلِهَةٍ أُخرَى لم تعرِفها ونَعبُدها، فلا تسمَعْ لكلامِ ذلكَ النَّبي أو الحالِمِ ذلكَ الحُلمَ، لأنَّ الرَّبَّ إلهَكُمْ يَمتَحِنُكُمْ لكَيْ يَعلَمَ هل تُحِبّونَ الرَّبَّ إلهَكُمْ مِنْ كُل قُلوبِكُمْ ومِنْ كُل أنفُسِكُمْ” (تث 1:13-3).
† “فإنَّ كثيرينَ سيأتونَ باسمي قائلينَ: أنا هو المَسيحُ! ويُضِلّونَ كثيرينَ” (مت 5:24).
† “الذي مَجيئُهُ بعَمَلِ الشَّيطانِ، بكُل قوَّةٍ، وبآياتٍ وعَجائبَ كاذِبَةٍ، وبكُل خَديعَةِ الإثمِ، في الهالِكينَ، لأنَّهُمْ لم يَقبَلوا مَحَبَّةَ الحَق حتَّى يَخلُصوا. ولأجلِ هذا سيُرسِلُ إليهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلالِ، حتَّى يُصَدقوا الكَذِبَ، لكَيْ يُدانَ جميعُ الذينَ لم يُصَدقوا الحَقَّ، بل سُرّوا بالإثمِ” (2تس 9:2-12).
† “ثُمَّ رأيتُ وحشًا آخَرَ طالِعًا مِنَ الأرضِ، وكانَ لهُ قَرنانِ شِبهُ خَروفٍ، وكانَ يتكلَّمُ كتِنينٍ، ويَعمَلُ بكُل سُلطانِ الوَحشِ الأوَّلِ أمامَهُ، ويَجعَلُ الأرضَ والسّاكِنينَ فيها يَسجُدونَ للوَحشِ الأوَّلِ الذي شُفيَ جُرحُهُ المُميتُ، ويَصنَعُ آياتٍ عظيمَةً، حتَّى إنَّهُ يَجعَلُ نارًا تنزِلُ مِنَ السماءِ علَى الأرضِ قُدّامَ الناسِ، ويُضِلُّ السّاكِنينَ علَى الأرضِ بالآياتِ التي أُعطيَ أنْ يَصنَعَها أمامَ الوَحشِ، قائلاً للسّاكِنينَ علَى الأرضِ أنْ يَصنَعوا صورَةً للوَحشِ الذي كانَ بهِ جُرحُ السَّيفِ وعاشَ” (رؤ 11:13-14).
† “فقُبِضَ علَى الوَحشِ والنَّبي الكَذّابِ معهُ، الصّانِعِ قُدّامَهُ الآياتِ التي بها أضَلَّ الذينَ قَبِلوا سِمَةَ الوَحشِ والذينَ سجَدوا لصورَتِهِ. وطُرِحَ الاِثنانِ حَيَّينِ إلَى بُحَيرَةِ النّارِ المُتَّقِدَةِ بالكِبريتِ” (رؤ 20:19).
† “ورأيتُ مِنْ فمِ التنينِ، ومِنْ فمِ الوَحشِ، ومِنْ فمِ النَّبي الكَذّابِ، ثَلاثَةَ أرواحٍ نَجِسَةٍ شِبهَ ضَفادِعَ، فإنَّهُمْ أرواحُ شَياطينَ صانِعَةٌ آياتٍ، تخرُجُ علَى مُلوكِ العالَمِ وكُل المَسكونَةِ، لتجمَعَهُمْ لقِتالِ ذلكَ اليومِ العظيمِ، يومِ اللهِ القادِرِ علَى كُل شَيءٍ” )رؤ 13:16-14).
† “فقُبِضَ علَى الوَحشِ والنَّبي الكَذّابِ معهُ، الصّانِعِ قُدّامَهُ الآياتِ التي بها أضَلَّ الذينَ قَبِلوا سِمَةَ الوَحشِ والذينَ سجَدوا لصورَتِهِ. وطُرِحَ الاِثنانِ حَيَّينِ إلَى بُحَيرَةِ النّارِ المُتَّقِدَةِ بالكِبريتِ” (رؤ 20:19).
† “لا يَخدَعَنَّكُمْ أحَدٌ علَى طريقَةٍ ما، لأنَّهُ لا يأتي إنْ لم يأتِ الاِرتِدادُ أوَّلاً، ويُستَعلَنْ إنسانُ الخَطيَّةِ، ابنُ الهَلاكِ” (2تس 3:2).
† “وكانَ قَبلاً في المدينةِ رَجُلٌ اسمُهُ سيمونُ، يَستَعمِلُ السحرَ ويُدهِشُ شَعبَ السّامِرَةِ، قائلاً إنَّهُ شَيءٌ عظيمٌ! وكانَ الجميعُ يتبَعونَهُ مِنَ الصَّغيرِ إلَى الكَبيرِ قائلينَ: “هذا هو قوَّةُ اللهِ العظيمَةُ”. وكانوا يتبَعونَهُ لكَوْنِهِمْ قد اندَهَشوا زَمانًا طَويلاً بسِحرِهِ” (أع 9:8-11).
لقد فعل العرافون معجزات أمام فرعون بقوة الشيطان، حتى يشوش على عمل الله، ولكن عمل الله ظاهر وقوي..
† “وفَعَلَ كذلكَ العَرّافونَ بسِحرِهِمْ وأصعَدوا الضَّفادِعَ علَى أرضِ مِصرَ” (خر 7:8).
† “فدَخَلَ موسَى وهارونُ إلَى فِرعَوْنَ وفَعَلا هكذا كما أمَرَ الرَّبُّ. طَرَحَ هارونُ عَصاهُ أمامَ فِرعَوْنَ وأمامَ عَبيدِهِ فصارَتْ ثُعبانًا. فدَعا فِرعَوْنُ أيضًا الحُكَماءَ والسَّحَرَةَ، ففَعَلَ عَرّافو مِصرَ أيضًا بسِحرِهِمْ كذلكَ. طَرَحوا كُلُّ واحِدٍ عَصاهُ فصارَتِ العِصيُّ ثَعابينَ. ولكن عَصا هارونَ ابتَلَعَتْ عِصيَّهُمْ” (خر 10:7-12).
† “وفَعَلَ كذلكَ العَرّافونَ بسِحرِهِمْ ليُخرِجوا البَعوضَ فلم يستطيعوا. وكانَ البَعوضُ علَى الناسِ وعلَى البَهائمِ. فقالَ العَرّافونَ لفِرعَوْنَ: “هذا إصبَعُ اللهِ” (خر 18:8-19).
هؤلاء الذين ذكر أسماءهم مُعلِّمنا بولس الرسول قائلاً: “وكما قاوَمَ يَنيسُ ويَمبِريسُ موسَى، كذلكَ هؤُلاءِ أيضًا يُقاوِمونَ الحَقَّ. أُناسٌ فاسِدَةٌ أذهانُهُمْ، ومِنْ جِهَةِ الإيمانِ مَرفوضونَ” (2تي 8:3)، ولكن عمل الله واضح بكل تأكيد “مُبَطلٌ آياتِ المُخادِعينَ ومُحَمقٌ العَرّافينَ. مُرَجعٌ الحُكَماءَ إلَى الوَراءِ، ومُجَهلٌ مَعرِفَتَهُمْ” (إش 25:44).

7- هل المعجزة علامة القداسة وصحة الإيمان؟

يعتبر البعض أن برهان قداسة إنسان هو أنه يُجري المعجزات، بينما يشهد الكتاب المُقدَّس بعكس ذلك:
أ- قديسون لم يعملوا معجزات:
قيل عن يوحنا المعمدان: “إنَّ يوحَنا لم يَفعَلْ آيَةً واحِدَةً” (يو 41:100). هذا الرجل الذي شهد عنه السيد المسيح بنفسه قائلاً: “لأني أقولُ لكُمْ: إنَّهُ بَينَ المَوْلودينَ مِنَ النساءِ ليس نَبيٌّ أعظَمَ مِنْ يوحَنا المعمدانِ، ولكن الأصغَرَ في ملكوتِ اللهِ أعظَمُ مِنهُ” (لو 28:7).
وكذلك لم يُسمع عن كثيرين من الآباء أنهم عملوا معجزات مثل: إبراهيم، وإسحق، ويعقوب، ويوسف، وصموئيل، وإشعياء… فليست المعجزة برهان على قداسة السيرة، بل قداسة السيرة برهان صدق المعجزة، وأنها من عمل الله.
ب- أشرار عملوا معجزات:
† “كثيرونَ سيقولونَ لي في ذلكَ اليومِ: يارَبُّ، يارَبُّ! أليس باسمِكَ تنَبّأنا، وباسمِكَ أخرَجنا شَياطينَ، وباسمِكَ صَنَعنا قوّاتٍ كثيرَةً؟ فحينَئذٍ أُصَرحُ لهُمْ: إني لم أعرِفكُمْ قَطُّ! اذهَبوا عَني يا فاعِلي الإثمِ!” (مت 22:7-23).
لقد تنبأ “بلعام بن يعور”، ولكنه كان مرفوضًا من قِبَل الله..
† “ويلٌ لهُمْ! لأنَّهُمْ سلكوا طريقَ قايينَ، وانصَبّوا إلَى ضَلالَةِ بَلعامَ لأجلِ أُجرَةٍ، وهَلكوا في مُشاجَرَةِ قورَحَ” (يه 11).
† “لكن عِندي علَيكَ قَليلٌ: أنَّ عِندَكَ هناكَ قَوْمًا مُتَمَسكينَ بتعليمِ بَلعامَ، الذي كانَ يُعَلمُ بالاقَ أنْ يُلقيَ مَعثَرَةً أمامَ بَني إسرائيلَ: أنْ يأكُلوا ما ذُبِحَ للأوثانِ، ويَزنوا” (رؤ 14:2).
وتنبأ قيافا رئيس الكهنة بخصوص السيد المسيح.. “فقالَ لهُمْ واحِدٌ مِنهُمْ، وهو قَيافا، كانَ رَئيسًا للكهنةِ في تِلكَ السَّنَةِ: أنتُمْ لستُمْ تعرِفونَ شَيئًا، ولا تُفَكرونَ أنَّهُ خَيرٌ لنا أنْ يَموتَ إنسانٌ واحِدٌ عن الشَّعبِ ولا تهلِكَ الأُمَّةُ كُلُّها! ولم يَقُلْ هذا مِنْ نَفسِهِ، بل إذ كانَ رَئيسًا للكهنةِ في تِلكَ السَّنَةِ، تنَبّأَ أنَّ يَسوعَ مُزمِعٌ أنْ يَموتَ عن الأُمَّةِ، وليس عن الأُمَّةِ فقط، بل ليَجمَعَ أبناءَ اللهِ المُتَفَرقينَ إلَى واحِدٍ” (يو 49:11-52). وطبعًا لم يكن قيافا قديسًا، فلقد تورط في صلب السيد المسيح بقلب قاس جاحد.
حقًا.. “ليس كُلُّ مَنْ يقولُ لي: يارَبُّ، يارَبُّ! يَدخُلُ ملكوتَ السماواتِ. بل الذي يَفعَلُ إرادَةَ أبي الذي في السماواتِ” (مت 21:7).
وكذلك حق ما قاله القديس بولس الرسول: “وإنْ كانَتْ لي نُبوَّةٌ، وأعلَمُ جميعَ الأسرارِ وكُلَّ عِلمٍ، وإنْ كانَ لي كُلُّ الإيمانِ حتَّى أنقُلَ الجِبالَ، ولكن ليس لي مَحَبَّةٌ، فلستُ شَيئًا” (1كو 2:13).
ونفس التعليم جاء في تراث الآباء النُساك القديسين.. فمثلاً قال القديس “أنسطاسيوس السينائي”:
“ليس كل مَنْ يعمل آيات قديسًا، بل نجد كثيرين يعملون آيات، وتتلاعب بهم الشياطين، لأننا قد فهمنا من حال أسقف هيراطيقي اسمه “مقدونيوس”، مُحارب الروح القدس، أنه قد نقل شجرة زيتون من موضعها، وغرسها في موضع آخر بشكل الصلاة.
وحدث كذلك أن كان رجل ظالم قد أزعج امرأة أرملة لأجل دين كان له على زوجها، وزاد قيمة الدين عن الحقيقة، ولم يكن الميت قد دُفن بعد، فما كان من ذلك الأسقف المذكور إلاَّ أن جعل الميت يتكلّم ويخبر بمقدار الدين.
كذلك لمَّا مات ذلك الأسقف الهيراطيقي، ظهرت على قبره خيالات كثيرة وعملت آيات.
من أجل ذلك لا يجب أن تقبل كل مَنْ يعمل آيات قائلاً إنه قديس، بل يجب أن يمتحنوا ويختبروا على رأي القائل: لا تصدقوا كل روح، بل جربوا إن كان ذلك الروح من الله، لأن أنبياء كثيرين كذابين قد خرجوا إلى العالم.
 والرسول يقول: إن هؤلاء رسل كذابون وفعلة غاشون، متشبهون برسل المسيح، وأن الشيطان يظهر بشكل ملاك النور، فلا عجب أن كل خدامه يتشكلون بشكل خدام العدل. لأن الشياطين الأنجاس بواسطة الأنبياء الكذبة يصنعون آيات وأشفية جسدية ليخدعوا مَنْ كان سهل الانقياد لخداعهم، وقد يظهرون أحيانًا ميتًا قائمًا بواسطة صلاة بطالة من إنسان مُضل، وذلك بأن يدخل إبليس في جسد الميت ويحركه ويخاطب الأحياء من وجه الميت، ويجيب الإنسان المخدوع عمَّا يسأله، ويخبر عن أشياء مخفية وعمَّا عمله قوم سرًا، حتى إذا وثقوا به أنه صادق، سهل عليه إدخال الضلالة التي تخصه”.

8- هل يجوز التباهي بالمعجزة والإعلان عنها؟

لقد تعلّمنا من السيد المسيح عدم الافتخار:
†”لا تفرَحوا بهذا: أنَّ الأرواحَ تخضَعُ لكُمْ، بل افرَحوا بالحَري أنَّ أسماءَكُمْ كُتِبَتْ في السماواتِ” (لو 20:10).
† “تبِعَتهُ جُموعٌ كثيرَةٌ فشَفاهُمْ جميعًا. وأوصاهُمْ أنْ لا يُظهِروهُ” (مت 15:12-16).
† وفي حادثة التجلي: “وفيما هُم نازِلونَ مِنَ الجَبَلِ أوصاهُمْ يَسوعُ قائلاً: لا تُعلِموا أحَدًا بما رأيتُمْ حتَّى يَقومَ ابنُ الإنسانِ مِنَ الأمواتِ” (مت 9:17).
† “لأنَّهُ كانَ قد شَفَى كثيرينَ، حتَّى وقَعَ علَيهِ ليَلمِسَهُ كُلُّ مَنْ فيهِ داءٌ. والأرواحُ النَّجِسَةُ حينَما نَظَرَتهُ خَرَّتْ لهُ وصَرَخَتْ قائلَةً: إنَّكَ أنتَ ابنُ اللهِ! وأوصاهُمْ كثيرًا أنْ لا يُظهِروهُ” (مر 10:3-12).
† وعندما أقام ابنة رئيس المَجمَع: “أوصاهُمْ كثيرًا أنْ لا يَعلَمَ أحَدٌ بذلكَ. وقالَ أنْ تُعطَى لتأكُلَ” (مر 43:5).
† وكذلك عندما شفى الأصم الأعقد: “أوصاهُمْ أنْ لا يقولوا لأحَدٍ. ولكن علَى قَدرِ ما أوصاهُمْ كانوا يُنادونَ أكثَرَ كثيرًا” (مر 36:7).
وإن كان السيد المسيح في مواقع أخرى أمر الناس أن يذيعوا مجد الله، مثلما فعل مع مريض كورة الجدريين الذي خرجت منه الشياطين، فقال له: “ارجِعْ إلَى بَيتِكَ وحَدثْ بكَمْ صَنَعَ اللهُ بكَ. فمَضَى وهو يُنادي في المدينةِ كُلها بكَمْ صَنَعَ بهِ يَسوعُ” (لو 39:8). لكن ذلك على أساس: “مَنِ افتَخَرَ فليَفتَخِرْ بالرَّب” (1كو 31:1).

9- المعجزة الحقيقية

لقد طلب اليهود من السيد المسيح آية (معجزة)، فكان رده: “جيلٌ شِريرٌ وفاسِقٌ يَطلُبُ آيَةً، ولا تُعطَى لهُ آيَةٌ إلا آيَةَ يونانَ النَّبي. لأنَّهُ كما كانَ يونانُ في بَطنِ الحوتِ ثَلاثَةَ أيّامٍ وثَلاثَ لَيالٍ، هكذا يكونُ ابنُ الإنسانِ في قَلبِ الأرضِ ثَلاثَةَ أيّامٍ وثَلاثَ لَيالٍ” (مت 39:12-40).
إن السيد المسيح هو المعجزة الحقيقية.. “ولكن يُعطيكُمُ السَّيدُ نَفسُهُ آيَةً: ها العَذراءُ تحبَلُ وتلِدُ ابنًا وتدعو اسمَهُ عِمّانوئيلَ” (إش 14:7).
المعجزة هي أن الله تجسّد ورأينا مجده، وأنه مات عنَّا ولأجلنا، وأنه ارتضى أن يسكن في قلبي الحقير النجس.

لقد طلب بولس الرسول من السيد المسيح أن يشفيه بمعجزة.. “ولِئلا أرتَفِعَ بفَرطِ الإعلاناتِ، أُعطيتُ شَوْكَةً في الجَسَدِ، مَلاكَ الشَّيطانِ ليَلطِمَني، لِئلا أرتَفِعَ. مِنْ جِهَةِ هذا تضَرَّعتُ إلَى الرَّب ثَلاثَ مَرّاتٍ أنْ يُفارِقَني. فقالَ لي: تكفيكَ نِعمَتي، لأنَّ قوَّتي في الضَّعفِ تُكمَلُ. فبكُل سُرورٍ أفتَخِرُ بالحَري في ضَعَفاتي، لكَيْ تحِلَّ علَيَّ قوَّةُ المَسيحِ” (2كو 7:12-9). لم يشفه الرب ولكنه أعطاه نعمة تكفيه للسند أثناء المرض.
ما أجمل إجابة الثلاثة فتية القديسين عندما هددهم نبوخذنصر الملك بإلقائهم في أتون النار المتقدة.. “فأجابَ شَدرَخُ وميشَخُ وعَبدَنَغوَ وقالوا للمَلِكِ: “يا نَبوخَذنَصَّرُ، لا يَلزَمُنا أنْ نُجيبَكَ عن هذا الأمرِ. هوذا يوجَدُ إلهنا الذي نَعبُدُهُ يستطيعُ أنْ يُنَجيَنا مِنْ أتّونِ النّارِ المُتَّقِدَةِ، وأنْ يُنقِذَنا مِنْ يَدِكَ أيُّها المَلِكُ. وإلا فليَكُنْ مَعلومًا لكَ أيُّها المَلِكُ، أنَّنا 
لا نَعبُدُ آلِهَتَكَ ولا نَسجُدُ لتِمثالِ الذَّهَبِ الذي نَصَبتَهُ” (دا 16:3-18).
أي إنه يمكن أن يعمل الله معنا معجزة وينقذنا من يديك، وإن لم يعمل المعجزة فإننا سوف نستمر على إخلاصنا وخضوعنا له وعبادته دون كل الآلهة.

وقد تكلّم بعض الآباء عن المعجزة الحقيقية التي يمكن أن تحدث في النفس بالتوبة.. فمثلاً جاء في بستان الرهبان:
“حدث أن تقدم بعض الرهبان إلى أنبا باخوميوس يسألونه: “قل لنا يا أبانا ما الذي يمكننا أن نعمله لنحظى بالقدرة على إجراء الآيات والعجائب؟”.
أجابهم بابتسامة: “إن شئتم أن تسعوا سعيًا روحيًا ساميًا فلا تطلبوا هذه المقدرة لأنها مشوبة بشيء من الزهو، بل اسعوا بالحري لتظفروا بالقوة التي تمكنكم من إجراء العجائب الروحية. فإن رأيتم عابد وثن وأنرتم أمامه السبيل الذي يقوده إلى معرفة الله.. فقد أحييتم ميتًا، وإذا رددتم أحد المبتدعين في الدين إلى الإيمان الأرثوذكسي.. فتحتم أعين العميان، وإذا جعلتم من البخيل كريمًا.. شفيتم يدًا مشلولة، وإذا حولتم الكسول نشيطًا.. منحتم الشفاء لمُقعد مفلوج، وإذا حولتم الغضوب وديعًا.. أخرجتم شيطانًا، فهل هناك شيء يطمع الإنسان أن يناله أعظم من هذا؟”.

ربي يسوع..
لن أجري وراء المعجزات،
ولن أطلب معجزة سوى وجودك في حياتي.
أريدك أنت أكثر من عجائبك.
سأتعلّم من آحاز الذى لم يطلب آية بل طلب السيد نفسه.
“ثُمَّ عادَ الرَّبُّ فكلَّمَ آحازَ قائلاً: “اُطلُبْ لنَفسِكَ آيَةً مِنَ الرَّب إلهِكَ. عَمقْ طَلَبَكَ أو رَفعهُ إلَى فوقٍ”. فقالَ آحازُ: 
“لا أطلُبُ ولا أُجَربُ الرَّبَّ”. فقالَ: “اسمَعوا يا بَيتَ داوُدَ! هل هو قَليلٌ علَيكُمْ أنْ تُضجِروا الناسَ حتَّى تُضجِروا إلهي أيضًا؟ ولكن يُعطيكُمُ السَّيدُ نَفسُهُ آيَةً: ها العَذراءُ تحبَلُ وتلِدُ ابنًا وتدعو اسمَهُ “عِمّانوئيلَ” (إش 10:7-14).

ربي يسوع..
أريد غفرانك وحبك، وسكناك في قلبي الحقير النجس.
لن أنشغل كثيرًا بمعجزات تجري هنا أو هناك.
فلقد عرفت من الأسفار المُقدَّسة..
أنه يمكن أن تحدث المعجزات بخداع الشيطان،
وأنا لا أرغب في أن أُخدع.
ستكون المعجزة الماثلة أمامي دائمًا والكافية لحياتي..
هي كلمتك في الإنجيل، وجسدك ودمك على المذبح.
دعني أكتفي بك، وبنعمتك، 
ولأسمع صوتك الحنون: “تكفيكَ نِعمَتي” آمين

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى