التاريخ الكنسيالقمص أنجيلوس جرجسالكنيسةموضوعات مسيحية

كنيستنا القبطية لا تسقط أبدًا! .. مقال رائع للقمص أنجيلوس جرجس

منذ خلقيدونية وكنيستنا القبطية تجاهد بالكلمة والدم للحفاظ على الإيمان والهوية المسيحية القبطية. فقد حاولت روما كنيسة وإمبراطور وجيوش أن تسحق كنيستنا وتخضعها لهرطقات خلقيدونية كي تكون تابعًا، واستخدمت القوة السياسية ممثلة في نفي الباباوات، والقوة العسكرية ممثلة في فرض بطاركة خلقيدونيين، ولكن تمسك الشعب بالإيمان، وتمسك الشعب بالهوية القبطية، وتمسك الشعب بالآباء البطاركة العظام الذين استهانوا بالألم والنفي ولم يسلموا الإيمان وينساقوا خلف روما.

ولمدة قرنين من الزمان سُفك دم الأقباط وانشغلت كنيستنا بالدفاع عن الإيمان، وانشغلت روما بمحاولات الإخضاع والسحق، وكلما يروننا أشد صلابة كانوا يرسلوا من هو أكثر شراسة حتى أرسل هرقل إمبراطور روما أسقف من بلاد القوقاز هو كورش، وفي كتب العرب يسمونه المقوقس لأنه من القوقاز أو سيرس وهو نطق خاطئ لكورش. وقد أعطاه هرقل سلطة مدنية بجانب سلطاته الدينية وأطلق يده على الكنيسة والآباء يفعل ما يشاء، فجال في كل مصر ومعه جنود ومنشور لاون ومن لا يخضع له يُعذب ويُقتل سواء كان راهب أو كاهن أو أسقف أو فرد من الشعب.

وفي تلك الأثناء وقف الأنبا صموئيل ورفض هذا فعذبوه حتى فقد إحدى عينيه، وهرب الأساقفة والبابا بنيامين خوفًا من قتلهم جميعًا وتصبح الكنيسة بلا تسليم رسولي متسلسل من مارمرقس، لأن هذه كانت خطتهم أن يقضوا على الكهنوت القبطي أو التسلسل الرسولي ليصيروا هم فقط من يحملون هذه الصفة وإن كانت هرطقاتهم تسقط عنهم صفة التسلسل الرسولي.

وفي هذه الأثناء دخل عمرو بن العاص مصر وباع المقوقس البلاد لهم نظير خروجه وأمواله وعائلته خارج البلاد فلم يكن قبطيًا ولا يبالي بمصر أو الكنيسة. وأطلق بن العاص نداءً للبابا بنيامين أن يعود ليستلم الكنيسة، وعاد هو وباقي الآباء، ولكن كان الخلقيدونيين قد وضعوا أيديهم على بعض الكنائس والتي سميناها كنائس ملكانية أي تابعة للملك أو الإمبراطور، وكان من يصلي فيها هم اليونانيين والرومان الذين كانوا يسكنون مصر ولهم فيها أعمال وتجارة.

وبدأت مرحلة جديدة من صراع الفكر والاضطهادات وواجهت الكنيسة هذا بكل قوة، وإن كان الأقباط قد وجدوا دخول العرب قد يغير من الحالة السياسية إلا أنهم كانوا محتلين وكل اهتمامهم هو جمع الأموال وتباين حال الأقباط حسب ما يأتي من والي عربي.

فحين يأتي والي عادل يتنفس الأقباط زمنًا ويبدأون في ممارسة عباداتهم ببعض من الحرية، ثم يأتي آخر شرس ومتعصب ومتعجرف ويريد أن يمحو هوية الأقباط دينياً وسياسياً فيبدأ في هدم الكنائس والأديرة ويساوم على أموال الأقباط لإعطاء حقوق العبادة أو رسامة البطريرك. وفرضوا اللغة العربية لتغيير تلك الهوية القبطية.

وتبدلت أحوال الاضطهادات من اضطهادات خلقيدونية رومانية إلى اضطهادات عربية ولكن الكل يتفق على محاولات سحق الكنيسة وتغيير إيمانها وهويتها، وانشغل الآباء والشعب بالتمسك بالمسيحية إيماناً وعبادة واحتملوا هذا بدمائهم ودموعهم، بينما الغرب كان غارقاً في محاولات فرض سلطة الكنيسة بعنف.

وأصبحت كنيسة روما كنيسة سياسية وتمتلك القوة والنفوذ وانشغلت بالسلطة حتى إننا لا نرى أي إنتاج مسيحي في تلك القرون، وحدث انشقاق الكاثوليك عن الخلقيدونيين. وأصبحت الكنيسة الكاثوليكية لها توجه سياسي اقتصادي كبير، ومُنع الشعب من قراءة الكتاب المقدس، وأعلن بابا روما أنه يمكنه أن يمنع أي شخص من دخول الملكوت، وأنه معصوم من الخطأ.

وبدأ صراع أخر في الغرب نتيجة ضعف روما روحيًا وكنسيًا وازدياد قوتها سياسيًا واقتصاديًا، وبينما كانت كنيسة روما والسلطة السياسية تعيش في بذخ كانت الشعوب في حالة فقر شديد. فبدأت جماعات ثورية ظهرت في القرن الثاني عشر في الغرب ضد هذا الوضع، وهذا ما هيأ الوضع لظهور انشقاق البروتستانت فيما بعد. وهذا ما سنراه في المقال القادم.

إشترك في قناة الشجرة المغروسة على تيليجرام

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى