الإيمانالبابا شنودة الثالثلاهوت دفاعيموضوعات مسيحية

البابا شنودة يشرح الفرق بين الثالوث المسيحي والثالوث الوثني

ســؤال:

هل هناك تشابه بين الثالوث المسيحي و(الثالوث) الوثني؟ وإلا فما هو الفرق بينهما؟ وهل من أسباب انتشار المسيحية في مصر، التشابه بين عقيدة الثالوث فيها، وعقيدة (الثالوث) في قصة أوزوريس وإيزيس وحورس؟

الجـواب:

لو كان سبب انتشار المسيحية بسرعة في مصر، هو التشابه بين عقائدها والعقائد المصرية الفرعونية…

فما سبب انتشار المسيحية في باقي بلاد العالم؟ هل هو تشابه أيضًا في العقائد؟! وإن كان هناك تشابه، فلماذا اضطهدت الوثنية المسيحية؟

ولماذا قتل الوثنيون القديس مارمرقس الرسول كاروز الديار المصرية؟! ولماذا حدث صراع عنيف بين الوثنية والمسيحية على مدي أربعة قرون، أنتهي بانقراض الوثنية، فتركها عابدوها، وتحطمت الأوثان…! لا شك أن المسيحية كشفت ما في الوثنية من زيف وخطأ، وليس ما بينها من تشابه! وإلا فما الداعي لدين جديد يحل محل الوثنية؟ ومن جهة عقيدة الثالوث، فالواضح أن الوثنية لا تؤمن بها.

الوثنية تؤمن بتعدد الآلهة في نطاق واسع، و ليس بثالوث.

فمصر الفرعونية كانت تؤمن بالإله (رع)، الذي خلق الإله (شو) والإلهة (نفتوت). وباقترانهما أنجبا الإله جب (إله الأرض)، والإلهة نوت (إلهة السماء)، الذين تزوجا وأنجبا أوزوريس، وإيزيس، وست، ونفتيس، و بزواج أوزوريس وإيزيس أنجبا الإله حورس… إلي جوار آلهة اَخري كثيرة كان يعبدها المصريون… فأين عقيدة (الثالوث) في كل هذه الجمهرة من الآلهة؟!

هل يمكن انتقاء أية ثلاثة آلهة وتسميتهم ثالوثا؟!

و في مثال قصة أوزوريس وإيزيس، ذكرنا عشرة آلهة مصرية، لو أردنا أن نأخذ هذه القصة كمثال.. كما أن في قصة تخليص إيزيس لزوجها المقتول أوزوريس، وإعادته إلي الحياة، ساعدها تحوت إله الحكمة، وأنوبيس إله التحنيط، وأيضًا ساعدتها أختها نفتيس.. فليست القصة (ثالوثًا). و ليست في عقائد المصريين القدماء عقيدة تسمي التثليث علي الإطلاق.. ومع كل ذلك نقول:

إن المسيحية لا تؤمن بتثليث فقط، إنما بتثليث وتوحيد.

وهذا التوحيد لا توافق عليه العبادات المصرية التي تنادي بالتعدد.

ففي قانون الإيمان المسيحي نقول في أوله “بالحقيقة نؤمن بإله واحد”. وحينما نقول باسم الآب والابن والروح القدس، نقول بعدها “إله واحد. اَمين”. وفي الرسالة الأولي للقديس يوحنا الإنجيلي يقول “الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الآب و الكلمة و الروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد” (1يو 5 : 7).

و وردت عبارة “الله واحد” في مواضع كثيرة من الكتاب المقدس.

وردت في (غلاطية 3 : 20)، و في يعقوب (2 : 19)، و في (أفسس 4 : 5). و في (1 تي 2 : 5) . و أيضاً في (يو 5 : 44)، (رومية 3 : 30)، (مت 19 : 17)، (مر 12 : 29 ،30). كما أنها كانت تمثل الوصية الأولي من الوصايا العشر (خر 20 : 3). و ما أوضح النص الذي يقول ” الرب إلهنا رب واحد” (تث 6 : 4). وعبارة الإله الواحد ترددت مرات عديدة في سفر إشعياء النبي علي لسان الله نفسه، كما في (أش 43 : 10 ، 11)، (أش 45 : 6 ، 18 ، 21)، (أش 46 : 9).

والمسيحية تنادي بأن الأقانيم الثلاثة إله واحد.

كما وردت في (1 يو 5 : 7). و كما وردت في قول السيد المسيح “و عمدوهم باسم الآب و الابن و الروح القدس” (مت 28 : 19)، حيث قال باسم، و لم يقل بأسماء ولعل سائلاً يسأل كيف أن 1+1+1=1 فنقول 1×1×1 =1.

الثالوث يمثل الله الواحد، بعقله وبروحه، كما نقول إن الإنسان بذاته، و بعقله و بروحه كائن واحد، و إن النار بنورها وحرارتها كيان واحد…

و لكن أوزوريس وحورس ليسوا إلهًا واحدًا بل ثلاثة.

و هذا هو أول خلاف بين هذه القصة و الثالوث المسيحي.

و الخلاف الثاني إنها تمثل قصة زواج إله رجل (هو أوزوريس)، و إلهة امرأة (هي إيزيس) أنجبا إلهاً (هو حورس) .

و ليس في الثالوث المسيحي امرأة، و لا زواج، حاشا..!

و لو كل أب و أم و ابن يكونون ثالوثاً.. لكان هذا الأمر في كل مكان، وفي كل بلد، وفي كل أسرة. ولكنه في كل ذلك لا علاقة له بالثالوث المسيحي.

فالابن في المسيحية ليس نتيجة تناسل جسداني.

حاشا أن تنادي المسيحية بهذا، فالله روح (يو 4: 24). وهو منزه عن التناسل الجسدي. والابن في المسيحية هو عقل الله الناطق، أو نطق الله العاقل ز وبنوة الابن من الآب في الثالوث المسيحي، مثلما نقول “العقل يلد فكراً” ومع ذلك فالعقل وفكره كيان واحد. ولا علاقة لهما بالتناسل الجسداني …الفكر يخرج من العقل، ويظل فيه، غير منفصل عنه. أما في التناسل الجسداني، فالابن له كيان مستقل قائم بذاته منفصل عن أبيه وأمه. وكل من الأب والأم له كيان قائم بذاته منفصل عن الآخر. وهنا نجد خلافاً مع الثالوث المسيحي.

فالأقانيم المسيحية لا انفصال فيها لأقنوم عن الآخر.

الابن يقول “أنا في الآب، والآب في” (يو 14: 11)، “أنا والآب واحد” (يو 10: 30). ولا يمكن أن حورس يقول أنا وأوزوريس كائن واحد ‍‍‍‍‍! أنا فيه وهو في …

كذلك الأقانيم المسيحية متساوية في الأزلية. لا تختلف في الزمن.

الله بعقله وبروحه منذ الأزل. أما في قصة أوزوريس وإيزيس، فحدث أن ابنهما حورس لم يكن موجوداً قبل ولادته، وهو أقل منهما في الزمن. كذلك قد يوجد اختلاف في العمر بين أوزوريس وايزيس. و هما الإثنان لم يكونا موجودين قبل ولادتهما من جب و نوت..

أما الله في الثالوث المسيحي فهو كائن منذ الأزل، وعقله فيه منذ الأزل، وروحه فيه منذ الأزل. لم يمر وقت كان فيه أحد هذه الأقانيم غير موجود. لكل السباب السابقة لا يمكن أن نري لوناً من التشابه بين الثالوث المسيحي، وما في الوثنية من تعدد الآلهة، واختلاف في الجنس بين الآلهة، هذا ذكر وتلك أنثي، وايضاً ما في الوثنية من تزاوج بين الآلهة، وإنجاب…

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى